الأحد، 21 ديسمبر 2008

ماهو الفرق بين أصحاب اليمين والمقربين السابقين ؟

- 2 -
الإمام ناصر محمد اليماني
22 - 12 - 1429 هـ
21 - 12 - 2008 مـ
09:34 مساءً
 
 سأل سائل فقال:
قال الله تعالى :
{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)}
فماهوالفرق بين أصحاب اليمين والمقربين السابقين ؟

وأجاب الذي عنده علم الكتاب فقال :

بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ،
والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطيّبين والتّابعين للحقّ إلى يوم الدين، وبعد..
إنّ القُرآن يشرح في هذا الموضع ثلاثة أصناف وهم:
أصحاب اليمين و أصحاب الشمال و السابقون المُقربون،
ثُمّ أخبركم بأنّ المُقربين ثُلَّةٌ من الأولين وهم من أتباع الرُّسُل في بداية دعوتهم فصدّقوا ونصروا وأنفقوا في سبيل الله وأدّوا ما فرضه الله عليهم، ومن ثُمّ تزوّدوا بنوافل الأعمال غير المفروضة فسارعوا في فعل الخيرات وتنافسوا وابتغوا إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب إلى الله فأحبّهم الله وقرّبهم، ومنهم من قُتل في سبيل الله، ومنهم من مات على فراشه وأدخلهم الله جنّة النّعيم فور موتهم بغير حسابٍ من قبل يوم الحساب، فلا تُصرف لهم كُتبٌ يوم القيامة وهم ثُلَّةٌ من الأولين من أتباع الرُسل وقليلٌ من الآخرين من التّابعين الآخرين من الذين حذوا حذوَ السّابقين الأخيار وعملوا عملهم وأدخلهم الله جنّته بغير حساب فور موتهم، أولئك الذين أدّوا فرض الزكاة الجبريّة ولهم عشرةُ أمثالها ومن ثُمّ أنفقوا في سبيل الله طوعاً تثبيتاً من أنفسهم وكان الله أكرم منهم فضاعف لهم النّفقة الطوعيّة بسبعمائة ضعفٍ، وكذلك يضاعف الله فوق ذلك لمن يشاء.
وأمّا أصحاب اليمين فهم الذين يؤدّون الأعمال المفروضة ولم يزيدوا على ذلك ورضي الله عنهم ولكنّهم لم يتقرّبوا إلى ربهم بنوافل الأعمال الصالحة قُربةً إلى الله لكي ينالوا محبّته إضافةً إلى رضوانه كما فعل المُقرّبون، ولذلك لم يَنَلْ أصحاب اليمين إلّا رضوان الله عليهم نظراً لأنّهم أدّوا ما فرضه الله عليهم كمثل فرض الزكاة الجبريّة؛ أدّوها وكتب الله لهم أجر عشرة أمثالها، ولكنهم لم يتقرّبوا إلى الله بالإنفاق في سبيل الله والصدّقات قُربةً إلى الله ولذلك لم ينالوا إلّا رضوانه فكتبهم الله من أصحاب اليمين، ولكنّهم لا يدخلون الجنّة إلّا بعد أن تُعطى لهم كُتبهم ولذلك يُسمَّون أصحاب اليمين لأنها تُعطى لهم كُتبهم بأيديهم اليُمنى، وهم ثُلَّةٌ من الأولين المؤمنين من الذين آمنوا في عصر الرُسل وثُلَّةٌ من الآخرين من الذين اتّبعوهم بالإيمان بالحقّ من بعدهم ولم يفعلوا إلّا كفعل الذين من قبلهم من أصحاب اليمين فلم يؤدّوا إلّا الأعمال الجبريّة عليهم ولم يتقرّبوا بنوافل الأعمال الخيريّة وحاسبوا الله وحاسبهم بعملهم.
وأمّا أصحاب الشمال فهم الذين تُصرف لهم كُتبهم بأيديهم الشمال وهم الذين لم يطيعوا الله ولا رسُله، والجميع يُحاسبون؛ أصحاب اليمين وأصحاب الشمال مع اختلاف النتائج. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴿٧﴾ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴿٨﴾ وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴿٩﴾ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ﴿١٠﴾ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا ﴿١١﴾ وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا ﴿١٢﴾}  صدق الله العظيم [الإنشقاق].
وبيّن الله هذا التمييز لكي يختار المسلم من أيِّ صنفٍ يكون، فإن كان لا يريد إلّا أن يكون من أصحاب اليمين فلم يؤدِّ إلّا ما فرضه عليه وحسبه ذلك فوعده الله بالجنّة وأخّر دخوله إلى يوم يقوم النّاس لربّ العالمين.
وإنّ الفرق لعظيم بين أصحاب اليمين والمُقرّبين السابقين إلى الجنّة من قبلهم، 
 وذلك لأنّ المُقرّبين يدخلون الجنّة بغير حسابٍٍ قبل يوم الحساب فور موتهم، أولئك الذين باعوا لله أنفسهم وأموالهم وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله أولئك يتحوّلون بقدرة الله إلى ملائكة من البشر من بعد موتهم أحياء عند ربهم يرزقون فور موتهم أو مقتلهم في سبيل الله فيُزوّجهم بحورٍ كأنَّهُنّ الياقوت والمرجان، وينشئ الله منهم الحور العُرب الأتراب كأمثال اللؤلؤ المكنون فيزوجهُنّ الله للرجال من أصحاب اليمين، وكذلك ينشئ الله منهم الولدان المُخلّدون وهم الغِلمان من أولادهم كأمثال اللؤلؤ المّكنون. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ﴿٢٤﴾}
  صدق الله العظيم [الطور].
فأمّا الطّيبات وهُنّ الحور العين من ذُريات السابقين فإنه يزوجهُنّ للطّيبين من الذكور من أصحاب اليمين، وأما الولدان المُخلّدون وهُم ذاتهم الغِلمان المُخلّدون من ذُريات السابقين فإنه يزوجهم للطّيبات من أهل اليمين. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} صدق الله العظيم [النور:26].
والحور العين اللاتي كأمثال اللؤلؤ المّكنون وكذلك الغلمان الذين هُم كأمثال اللؤلؤ المّكنون جميعهم من ذُريات البشر السابقين المُقرّبين الأخيار وأُمّهاتهم من الحور العين اللاتي خلقهُنّ الله بكُنّ فيكُون كأنهُنّ الياقوت والمرجان فزوجهُنّ للسابقين المُقرّبين، ولا تستطيعون أن تّتخيلوا كم مدى جمالهِنّ ومِمّا خلقهُنّ الله. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٧﴾}
  صدق الله العظيم [السجدة].
ثُمّ يُنشئ الله من ظهور السابقين ذُرّيات العُرب الأتراب ليزوجهن لأصحاب اليمين، وكذلك يُنشئ من ظهور السابقين غِلمانٌ لهم كأمثال اللؤلؤ المّكنون ليزوّجهم للطّيبات من أصحاب اليمين. تصديقاً لقول الله تعالى:
{أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ ﴿٥٨﴾ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴿٥٩﴾ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿٦٠﴾ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾} 
 صدق الله العظيم [الواقعة].
ومعنى قوله تعالى: {وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ
} صدق الله العظيم، 
أي وتلك زوجات السابقين الأخيار ولسنَ من أنفسهم . تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [يس].
أولئك الحور العين خلقهُنّ الله مما لا تعلمون كأنّهُنّ الياقوت والمرجان.تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٧﴾} 
 صدق الله العظيم.
وأمّا الخبيثات اللاتي في جنّة المسيح الدّجال فأُمّهاتهن من إناث الشياطين وآباؤهم من شياطين البشر، ومن اتّبع المسيح الدّجال فهو خبيثٌ يزوّجه بخبيثةٍ وإن كانت جميلةً فهي خبيثةٌ فلا تلدُ إلّا شيطاناً رجيماً، وكذلك الذكور من الخبيثين أُمّهاتهم من إناث الشياطين وآباؤهم من شياطين البشر، وينقسمن إلى نوعين نظراً لأنّ الحور العين ينقسمن إلى نوعين وهنّ: الحور كأمثال الياقوت والمرجان وكذلك الحور كأنّهُنّ اللؤلؤ المّكنون، وكما يتفاوتن في الجمال في جنّة المأوى فكذلك التقليد في جنّة الفتنة فالخبيثات في جنّة الفتنة يتفاوتن في الجمال، وأجملهُنّ الخبيثات اللاتي أُمّهاتهنّ من إناث الشياطين وآباؤهُنّ من شياطين البشر، وأدنى منهُنّ جمالاً خبيثاتٌ أُخريات من ذُريّاتهم آباؤهم وأُمّهاتهم من يأجوج ومأجوج وجميعهنّ خبيثاتٌ جعلهنَّ الله فتنةً للخبيثين من أتباع المسيح الدّجال، وأمّا الخبيثين فهم الذكور آباؤهم من البشر وأُمّهاتهم من إناث الشياطين جعلهم الله للخبيثات من أتباع المسيح الدّجال.
 تصديقاً لقول الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} 
صدق الله العظيم [النور:26].
ولذلك كان يريد فتنتكم ذلك الذي جادلني كثيراً في قول الله تعالى:
 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} 
صدق الله العظيم [النساء:1]. 
ويريد أن يجعل الخبيثات اللاتي لا توجد واحدة منهُنّ بكراً هُنّ الحور العين ولو لم تبلغ سنّ الحُلم فلن يجدها الخبيثون بكراً إلّا ما كانت لا تزال طفلة! ويريد أن يوهمكم أنهُنّ زوجات أولاد آدم وأنّه تمّ إخراج آدم وزوجته وذريته وبقيت أزواج أولاد آدم! ويريد أن يقول أنّهُنّ الحور العين اللاتي وعدكم الله بهنّ وذلك حتى إذا لم تجدوهن أبكاراً يقول أنّه تمّ طمثهُنّ من قَبْل من قِبَلِ ذُريات آدم يوم كان في الجنّة! ولكنّ الإمام المهديّ الحقّ من ربكم كُنّا للشيطان الذي في ذلك الرجل لبالمرصاد فبيّنّا لكم أنّهُنّ لسن الحور العين اللاتي وعدكم الله بهنّ عُربَاً أتراباً لم يطمِثهُنّ قبلهم إنسٌ ولا جان، وأمّا حور الدّجال فطمثهُنّ من قبل المفتونين بهنّ كثيراً من الجنّ والإنس.والطارفة زوجة للجميع في دين الدّجال إبليس اللعين ومن ذُرياتهنّ يأجوج ومأجوج، أولادهُنّ من كُل ظهرٍ ولذلك يأجوج ومأجوج من كُلِّ حدبٍ ينسلون، وسلامٌ على المُرسَلين والحمدُ لله رب العالمين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.