بسم الله الرحمن الرحيم
يا من يخاف وعيد، أحبّك الغفور الودود ذو العرش المجيد فعّال لما يُريد، اللهم اغفر لأنصاري جميعاً، واغفر لعبدك معهم، اللهم أحبّ أنصاري جميعاً واجعلهم ينافسوا عبدك في حبّك وقربك، اللهم ارضى عن أنصاري جميعاً وأكرمهم، اللهم أكرم من أكرم عبدك وأنت أكرم الأكرمين، اللهم احشرنا مع من أحببناه جميعاً من أجلك محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم اجعل له أرفع درجة في جنّات النّعيم فإنّه أحبّ إلى أنفسنا من آبائنا وأمهاتنا ومن أنفسنا ومن النّاس أجمعين، اللهم واجعلنا لهُ منافسين في حبّك وقربك لأنّك أحبّ إلى أنفسنا من عبدك محمد عليه الصلاة والسلام، اللهم إنّنا نستطيع أن نتنازل عن أعلى الدرجات المادية في جنّتك لمحمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - طمعاً في التنافس في الحُبّ في ذات نفسك سبحانك، ومن لم يَغِرْ عليك من عبادك فلن يرقى إلى الحُبّ الأعظم حتى يشعر أنّه يغير على الودود من كافة الأنبياء والمُرسلين ومن المهدي المنتظر.
اللهم ولا تجعل في قلوبنا غلّاً ولا حقداً للذين آمنوا، اللهم ثبتنا على التنافس في حبّك وقربك، اللهم إنّنا نعلم أنّك لم تخلقنا من أجل التنافس على جنّتك بل خلقت الجنّة من أجلنا وخلقتنا لنعبدك وحدك لا شريك لك لنتنافس في حبّك وقربك، اللهم إنّك قد علمتنا أنّه لا فرق عندك بين عبيدك فجميعهم عبيد مُتنافسون في حُبِّ ربّهم المعبود،
اللهم اصرف المُغالاة من قلوب العبيد للعبيد، اللهم إنّي أشهد أن سبب هلاك الأمم هي المُغالاة في عبادك، فما أن يعلموا بتكريمك لأحد عبادك من الأنبياء والمُرسلين والصالحين إلا وتمسّحوا في قبره وتوسّلوا به إليك وسجدوا على ترابه لك فأشركوا في عبادتهم لربّهم، ولكن عبدك أفتاهم أنّك إله واحد للجميع ولعبيدك الحقّ جميعاً في التنافس في حبّك وقربك.
اللهم إنّي وجدت عُلماء المُسلمين قد وضعوا أنبياءك ورُسلك خطاً أحمرَ بين العباد والمعبود وأفتوا المؤمنين أن الأنبياء أكرم عبادك وإنّه لا ينبغي للصالحين أن يكونوا أكرم منهم عندك أو أحبّ منهم إلى نفسك، وبسبب هذه العقيدة الباطلة استيأس التابعين من المنافسة في حبّك وقربك وجعلوك حصرياً للأنبياء والمرسلين من دون الصالحين بحُجة أنّك اصطفيتهم لرسالتك، ولم يتذكروا أنّك أمرت جبريل والملائكة أجمعين أن يسجدوا لبشر خلقته من طين برغم أن ملائكتك هم عبادك المُقربّين من قبل أن تخلق آدم عليه وعليهم الصلاة والسلام، أفلا يعلمون أنّك الغفور الودود فعّال لما تُريد وإنما فعلت ذلك بسبب أن ملائكتك ظنّوا في أنفسهم بغير الحقّ أنّهم أكرم عبادك نظراً لأنّهم ملائكتك المُقربّون المخلوقون من نور، واعتقدوا إنّه لا ينبغي أن يكون من عبادك من هو أكرم منهم فمنهم حملة عرشك؟ ثم أراد ربّي أن يُعلمهم درساً في العقيدة، ثم خلقتَ آدم من طين حتى ينطقوا بما في أنفسهم مما أخفوا من الإعجاب بأنفسهم،
ولذلك قالوا:
{ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ }
صدق الله العظيم [البقرة:30]
ولكني المهدي المنتظر أشهدُ لله شهادة الحقّ اليقين أنّها كادت أن تأخذهم العزة بأنفسهم وليس لأنّهم يخشون أن يُفْسِدَ فيها أو يسفك الدماء بل يقصدون أنّهم خيراً منه وأنّهم أولى بك من عبادك. ولذلك قالوا:
{ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ }
صدق الله العظيم [البقرة:30]
فأغواهم إعجابهم بأنفسهم حتى أخطأوا في حقّ ربّهم وكأنّهم أعلم من الله، ولكن الله أسرّ غضبه في نفسه ولم يبدهِ لهم حتى خلق آدم عليه الصلاة والسلام ثم زاده بسطة في العلم عليهم، وقال لملائكته:
{ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ }
صدق الله العظيم [البقرة]
وهنا أدركت الملائكة أن ربّهم لم يعد راضٍ عليهم، وأنّهم لم يعودوا صادقين في نظر ربّهم، وأنّهم تجاوزوا حدودهم في الخطاب مع ربّهم فيما لا يحقّ لهم، فليس لهم من أمر الخلافة شيء بل صاحب الملك والملكوت له الأمر وحده من قبل ومن بعد وليس لملائكته من الأمر شيء. وحين قال الله تعالى:
{ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ }
صدق الله العظيم
ومن ثم تبين للملائكة جميعاً أن ربّهم غير راضٍ في نفسه عليهم فتابوا وأنابوا مُسبحين ربّهم تائبين فقالوا:
{ قَالُوا سبحانك لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا أنّك أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }
صدق الله العظيم [البقرة:32]
برغم أنّه كان في أنفسهم ما في نفس إبليس وكانوا يرون أنّهم خيرُ خلق الله وأكرم عبيد الله فهم عباد الله المُقربون فهم على مقربة من عرشه ومنهم حملة عرشة ولذلك ظنّوا أنّهم خير عباد الله وأكرمهم في كتابه، وكانوا يظنّون أنّه لا ينبغي أن يكون عبد من جنس آخر هو أكرم منهم، ألا والله إنّهم كادوا أن يزيغوا عن الصراط المُستقيم لو أنّهم أصروا على ما كان في أنفسهم، ولكنهم تابوا وأنابوا فخضعوا إلى قاموس العبيد فلا أفضلية بين العبيد في كتاب الله مهما كان خلقه أو جنسه أو حجمه إلا بالتقوى في كتاب ربّ العالمين، وأمّا إبليس فأخذته العزة بالإثم وقال:
{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }
صدق الله العظيم [الأعراف:12]
وقال:
{ لَمْ أَكُن لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مّنْ حَمَإٍ مّسْنُونٍ }
صدق الله العظيم [الحجر:33]
وبسبب إعجابه بنفسه وتكبره وغروره لعنه الله وأزاغ قلبه وأغواه عن الصراط المستقيم، ولا يظلم ربك أحداً.
ويا معشر البشر الأنصار والمُسلمين جميعاً،
فلو يكرمكم الله فيجعلكم ملائكة فلا تهتموا بجنسكم ولا تتفاخروا بالملك، فلا يلهكم ملكوت الدُنيا والآخرة مهما أكرمكم الله إن اهتديتم فأكرمكم ربّكم فلا تعجبوا بأنفسكم فيأخذكم الغرور بغير الحقّ.
وأنا المهدي المنتظر أقسمُ بالله الواحد القهار ما خلقكم الله من أجل التفاخر بالجمال والمال والملك وجنّات النّعيم بل حرّموا على أنفسكم جنّات النّعيم واتّبعوني لتحقيق النّعيم الأعظم من جنّات النّعيم، ولكني سوف أفتى جميع الصالحين وأقول لهم والله الذي لا إله غيره لن يُجب دعوة المهدي المنتظر فيحرِّم على نفسه جنّة النّعيم حتى يكون الله هو أحبّ إليه من جنّات النّعيم والحور العين ومن الدرجة العالية الرفيعة، ولكم الحقّ أن تُحاجوا ربّي وربّكم الله ربّ العالمين فتقولوا:
"يا إله العالمين، قد علمنا أنّك أرحم بعبادك من عبيدك فنحن نؤمن أن الله الرحمن الرحيم أرحم الراحمين، وقد علّمنا عبدك ما تقول حين تهلك عبادك الكافرين من الإنس ومن الجن ومن كُل جنس، فإنّك تقول في نفسك:
{ إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(30) }
صدق الله العظيم [يس]
فيا ربّ إنّنا نحبّك أكثر من جنّتك وأكثر من كُل شيء، فمهما كرمتنا ومهما رفعت
مقامنا وحتى لو جعلتنا ملائكة تصديقاً لقولك الحقّ:
{ وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ }
صدق الله العظيم [الزخرف:60]
فنحن مُتنازلين عن التكريم إلى ملائكتك لأنّه لا فائدة فليس في ذلك نعيمنا، فنحن عبيد سواء من البشر أو من الملائكة أو من الجنّ فلا يهمّنا أن تكرم جنسنا، فما الفائدة من التكريم وما الفائدة من الدنيا وما الفائدة من نعيم الآخرة مهما كان ومهما بلغ ومهما يكون؟ فكيف نكون فيه سُعداء وقد علمنا مدى حسرتك في نفسك على عبادك الذين ظلموا أنفسهم فكيف نهنأ بالنّعيم والحور العين وقصور جنّات النّعيم كيف كيف كيف يا إله العالمين وأنت غير راضٍ في نفسك بل مُتحسر وحزين على عبادك الذين ظلموا أنفسهم، اللهم إنّنا عبادك من البشر قد اتّبعنا المهدي المنتظر وحرّمنا على أنفسنا جنّات النّعيم مهما بلغت ومهما تكون حتى تحقق لنا النّعيم الأعظم منها فتكون أنت راضٍ في نفسك لا مُتحسر ولا حزين، اللهم أنّك قلت وقولك الحقّ:
{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ
لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }
صدق الله العظيم [الكهف:49]
ونحن على ذلك لمن الشاهدين ولكننا أتباع المهدي المنتظر نشكوا إليك ظُلمنا فلما خلقتنا يا إله العالمين ونحن نعلم بجوابك في كتاب الحقّ:
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ }
صدق الله العظيم [الذاريات:56]
ثم نشكوا إليك ظُلمنا فقد حرمنا من نعيمنا الأعظم من كُل شيء وهو أن تكون راضٍ في نفسك لا مُتحسر ولا حزين ولا غضبان ولكنه حال بيننا وبين تحقيق رضوان نفسك كافة عبادك الذين ظلموا أنفسهم، اللهم إنّك قلت وقولك الحقّ:
{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا }
صدق الله العظيم [يونس:99]
اللهم فاهدي من في الأرض جميعاً مما يدأب أو يطير من كافة الأمم أحياءهم وأمواتهم وليس رحمة مني بهم كلا وربنا بل لأنّنا آمنّا أنّك حقاً أرحم بعبادك منّا، وإنما نسألك هداهم لكي يتحقق نعيمنا الذي فيه سرّ الحكمة من خلقنا، فنحن لا نعبد رضوانك كوسيلة لتدخلنا جنّتك بل أمنا بحقيقة اسمك الأعظم إنّه النّعيم وإنّه حقاً أعظم من نعيم جنّتك فنحن نعبد رضوان نفسك غاية وليس وسيلة سبحانك، بل نريدك أن تكون راضٍ في نفسك، ولكن عبادك الذين ظلموا أنفسهم حالوا بيننا وبين تحقيق النّعيم الأعظم من جنّتك، ونحن نعبد رضوان نفسك حتى تكون أنت راضٍ في نفسك لا مًتحسر ولا حزين ولا غضبان، فذلك منتهى هدفنا وغايتنا وكُل مرادنا وكُل غايتنا، اللهم إذا لم تُحقق لنا النّعيم الأعظم من جنّتك فلِمَ خلقتنا يا إله العالمين؟ اللهم إنّك حرّمت الظلم على نفسك ونشكوا إليك ظُلمنا ممن ظلموا أنفسهم وأذهبوا نعيمنا من ذات نفسك ونحن لنعيم رضوانك عابدين ولذلك خلقتنا، اللهم ارفع بأسك ومقتك وغضبك عن عبادك ونحن نعلم أن لا ينبغي لنا أن نستغفر للكافرين رحمة بهم وهم لا يزالون كافرين، ولكنننا نشكوا إليك ظلمنا، فإن دعونا عليهم فأهلكتهم فقد علمنا ما سوف يقول من
هو أرحم بهم من عباده:
{ إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(30) }
صدق الله العظيم [يس]
فلن نفرح بنصرك ربّي أن أهلكتهم فما دمت سوف تتحسر عليهم فإن المهدي المنتظر وأتباعه الربانيون العابدون لنعيم رضوان نفس ربّهم يتضرعون إليك ان لا تهلك أحداً من عبادك من الذين إن أهلكتهم تقول:
{ إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(30) }
صدق الله العظيم [يس]
فكلا يا إله العالمين، اللهم فانصرنا بآية هداية وليس آية عذاب، اللهم أنّك تحول بين عبادك وبين قلوبهم اللهم فاهدي قلوبهم إلى ما اهتدينا إليه برحمتك يا أرحم الراحمين فتجعلهم لنعيم رضوانك عابدين حتى يستمتع بنعيم رضوانك عبادك أجمعين فيتحقق الهدف من خلقهم، فلمَ خلقتهم أمن أجل أن تدخلهم جنّتك أم من أجل أن تُعذبهم بنارك؟ بل خلقت عبادك ليعبدوا نعيم رضوان نفسك فيستمتعون بحبّك ونعيم رضوان نفسك، اللهم فاجعل عبادك أمّة واحدة على صراط نعيم رضوانك وحبّك، فألف بين قلوبهم فيجتمعوا في حبّك ونعيم رضوان نفسك أمةً واحدة يعبدون رباً واحداً لا إله إلا هو ربّ السموات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم الله ربّ العالمين ..
انتهى ..
ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار
لا تدعوا على البشر مُسلمهم والكافر إن كنتم تعبدون النّعيم الأعظم فاغفروا للناس يغفر الله لكم وأعفوا عنهم من أجل الله يعفي الله عنهم من أجلكم فيهديهم فيتحقق نعيمكم الأعظم.
ويا معشر المُسلمين والمسلمات
يا إخواني وأخواتي سألتكم بالله العظيم البر الرحيم كيف تستطيعوا أن تهنؤون بالنّعيم والحور العين وبالولدان المخلدون وقصور الجنّان وحبيبكم الله ليس راضٍ في نفسه بل مُتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم فقد علّمناكم بما يقول في نفسه برغم إنّه لم يظلم عباده شيئاً ولكنهم ظلموا أنفسهم وأعرضوا عن دعوة رسله ليغفر الله لهم كما أنتم مُعرضون عن دعوة المهدي المنتظر ثم يهلكهم الله بصيحة واحدة من عنده من السماء أو من الأرض فإذا هم خامدون، ثم انظروا ما يقول في نفسه
وقال الله تعالى:
{ إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(30)وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ(32) }
صدق الله العظيم [يس]
إذا يا أحبّاب الله يا من يحبون الله أكثر من جنّته وأكثر من ملكه وملكوته وأكثر من نعيم الدًنيا والآخرة، سألتكم بالله العظيم كيف تستطيعون أن تهنؤوا بالنّعيم مهما بلغ ومها يكون في جنّات النّعيم وربّكم مًتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ وهل تدرون لماذا ربّ العالمين يقول:
{ يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }؟
وذلك لأنّه حقاً أرحم الراحمين فلا يوجد من هو أرحم من الله بعباده وما ذهبت رحمة الله من نفسه حتى ولو لم يظلم عباده بل هم من ظلموا أنفسهم فكيف إنّه بعث عليهم رسله ليدعوهم إليه ليغفر لهم فأعرضوا عن غفران الله لهم ونعيم رضوانه وما كان جوابهم جميعاً إلا أن قالوا:
{ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٩﴾ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّـهِ شَكٌّ
فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ }
صدق الله العظيم [إبراهيم:9-10]
فيعرضون عن دعوة الغفران ونعيم الرضوان فيتأسف الله عليهم ثم يهلكهم ثم يتحسر عليهم. وقال الله تعالى:{ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ }
صدق الله العظيم [الزخرف:55]
ويا معشر الأنصار
إنّي أعلم بحسرتكم على النّاس أو على أهلكم الذين لم يصدقوا بدعوة الحقّ من ربّهم، ولكن تذكروا حسرة من هو أرحم بعباده منكم الله أرحم الراحمين، فأنيبوا إليه ليهدي عباده ولا تحصروا الرحمة على أهل بيوتكم فإن فعلتم فقد فتنتكم رحمتكم أنتم بل تذكروا من هو أرحم بعباده منكم وأنيبوا إليه ليهدي عباده جميعاً، وساعدوني في صلاح البشر ساعدكم الله فلا تدعوا عليهم إن كنتم تريدون الله يكون راضٍ في نفسه، فاعلموا إنّه لن يتحقق ذلك حتى يدخل الأمم في رحمته جميعاً ألا والله إنّ المهدي المنتظر لا يعتبر أُمّه وهي أمّه إلا جُزء من هدفه من أمم بأسرها، واعلموا أنّ الله على كُل شيء قدير.وأما الذين يرون أنّ الأمر عادي بالنسبة لهم فأهم شيء لديهم هو أن يرضى الله عنهم ليدخلهم جنّته ويقيهم من ناره فلهم ذلك،
ولكن سؤال المهدي المنتظر إليهم هو:
فهل ترون أنّكم سوف تستمتعون بالنّعيم والقصور وربّكم المستوي على عرشه من فوقكم متحسر وحزين على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ فإذا كان جوابكم نعم، فأقول لكم: إذاً أنتم أصلاً تحبون أنفسكم، ولكن ربّي وعدني بقوم يحبهم ويحبونه.
اللهم عجل لعبدك بهم برحمتك يا أرحم الراحمين فمنهم من أنضموا إلى الوفد المُكرم ومن من لم يعلم بوجود المهدي المنتظر بعد فكم قلب إمامهم في اشتياق للقائهم من بعد التصديق عند البيت العتيق
اللهم إنّ عبدك المهدي المنتظر يدعوك بحق لا إله إلا أنت وبحق رحمتك التي كتبت على نفسك وبحق عظيم نعيم رضوان نفسك أن لا تجِب دعوة المهدي المنتظر على عبادك بالهلاك لو ينفذ صبري، وأن لا تجِب دعوة الوالدين على أولادهم، وأن لا تجِب دعوة أي إنسان على أخيه الإنسان بل أجِب دعوتهم لهم بالرحمة والهدى، ووعدك الحقّ وانت أرحم الراحمين.
اللهم إن عبد النّعيم الأعظم قد أحبّك أكثر من أي شيء ومن كل شيء مهما كان ومهما يكون حتى أصبح كل نعيم هو أن تكون راضٍ في نفسك ولن يتحقق رضوان نفسك حتى تدخل عبادك جميعاً في رحمتك ووعدك الحقّ وأنت أرحم الراحمين.
وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين..
خادم البشر المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني.