الأحد، 29 يوليو 2012

لم أجد في كتاب الله أن الله ينهى المحتاج أن يأخذ مالاً قرضاً بالربا

الإمام ناصر محمد اليماني
10 - 09 - 1433 هـ
29 - 07 - 2012 مـ

[ لمتابعة رابط المشـاركـــــــــة الأصليَّة للبيــــــــــــــان ]
    
لم أجد في كتاب الله أن الله ينهى المحتاج أن يأخذ 
مالاً قرضاً بالربا 
 بسم الله الرحمن الرحيم 
 والصلاة والسلام على محمد رسول الله حبيب قلبي وآله الأطهار والتابعين
 للحق إلى اليوم الآخر، أما بعد.. 
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ويا أخي أحمد السوداني قال الله تعالى:
 {وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُؤُوسُ أَموَالِكُم } 
 صدق الله العظيم [البقرة:279]
 فمن يأمره بالتوبة فهل هو المحتاج المضطر إلى أخذ المال من الأغنياء مقابل أن يردّه بربح زائدٍ على رأس المال؟
 أم أن الله يأمر بالتوبة أهلَ رؤوسِ الأموال الذين يُقرضون الناس بالربا؟ 
 فتدبرما جاء في محكم الذكر فستجد الخطاب موجّهٌ إلى أهل رؤوس الأموال دفاعاً عن المعسر والمحتاج. قال الله تعالى:
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
 صدق الله العظيم [آل عمران:130] 
فالذي يأكل الربا المضاعف من أموال الناس بالباطل فذلكم الذين توعدهم الله بالعذاب. وقال الله تعالى:
 {وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} 
 صدق الله العظيم [النساء:161]
 وأمر الله الأغنياء بعدم أخذ الرّباء الزائد فوق رأس المال من المحتاجين الذين أقرضوهم المال ليقضوا حاجتهم، كون أن لهم أجرٌ كبيرٌ في ذلك كمثل الصدقة عند ربهم، وإن أَبَوْا إلا أخذ الرّباء الزائد فلن يُربي الله قرضهم عنده، ولن يجدوا لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً. وقال الله تعالى:
 {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)} 
صدق الله العظيم [الروم] 
وإنما يدافع الله عن ظلم المضطر الذي أجبرته الحاجة لتحمل الرّبا المضاعف، ويعلن الحرب على أصحاب أرباح الرّباء. وقال الله تعالى:
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُ‌وا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّ‌بَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٢٧٨﴾ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْ‌بٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُ‌ءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴿٢٧٩﴾ } 
صدق الله العظيم [البقرة] 
فمن المخاطب يا أحمد؟ فهل هم الذين يربون في أموال المحتاجين أم يخاطب
 المحتاجين ويتوعدهم بالحرب؟ مالكم كيف تحكمون؟ 
فتدبر القول الصواب مرة أخرى:
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُ‌وا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّ‌بَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٢٧٨﴾ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْ‌بٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُ‌ءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴿٢٧٩﴾ }
 صدق الله العظيم [البقرة]
 ويتبين لك مَنِ المخاطب الذي يخاطبهم الله من خلال قوله تعالى:
 { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْ‌بٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُ‌ءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴿٢٧٩﴾ }
 صدق الله العظيم 
وإنما الحرب أمراضٌ يصيبهم الله بها استجابة لدعاء رسوله والمظلومين المضطرين إلى تحمل أضعاف الربا، فيدعو المحتاجون على الأغنياء من أصحاب الرباء الذين أكلوا أموالهم بالباطل فيبتليَهم الله بأمراض حتى يمحق الربا الزائد مع رأس المال لمن يشاء الله منهم. وقال الله تعالى:
 {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّ‌مْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ كَثِيرً‌ا ﴿١٦٠﴾ وَأَخْذِهِمُ الرِّ‌بَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِ‌ينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿١٦١﴾ }صدق الله العظيم [النساء]
 والسؤال الذي يطرح نفسه يا أحمد السوداني:
 فمن هم الذين أصابهم بأمراض حتى حرّموا على أنفسهم ما لذَّ وطاب؟ 
 همُ الأغنياءٌ ولكن بسبب الأمراض التي ابتلاهم بها لم يتمتعوا بأموالهم. 
فتدبر مرة أخرى.. قال الله تعالى:
 {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّ‌مْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ كَثِيرً‌ا ﴿١٦٠﴾ وَأَخْذِهِمُ الرِّ‌بَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِ‌ينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿١٦١﴾}
  صدق الله العظيم [النساء]
 ولم أجد في محكم كتاب الله القرآن العظيم بأن الله توعَّد أصحاب الحاجات الذين ألجأتهم الضرورة إلى تحمل الربا الزائد فيدفعونها ظلماً وباطلاً عليهم، ولئن استطعت أن تأتينا بآية واحدة توعَّد الله فيها المعسر بالانتقام؛ بل تجد العكس يا أحمد؛ بل تجد الله يدافع عن المعسر ويقول للغني المُرْبِي: لا تأخذ من المعسر رباءً زائداً عن الحق.
 وقال الله تعالى:
 {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
 صدق الله العظيم [البقرة:280] 
بل ويقول للغني وإن تصدّقت على المعسر فعفوته عن المال الذي لديه قرضة له من قبل؛ فإن عفوت عنه فسوف يتحول القرض إلى الله فيربي الصدقات. 
 تصديقاً لقول الله تعالى:
 { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
  صدق الله العظيم [البقرة:280] 
ويا أحمد، لو أنّ المحتاج يجد القرض من غير دفع الرباء الزائد لما ذهب إلى أهل فوائد الربا، ولكنه قد لا يجد من يُقرضه مالاً ليقضي حاجته من غير فوائدٍ، ومن ثم يذهب ليأخذ مالاً فيشترط عليه صاحبُ المال أن يعيده مع الرباء الزائد على رأس المال. 
ولذلك قال الله تعالى: 
{ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ 
لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ }صدق الله العظيم[البقرة:279]
 ولم أجد في كتاب الله أن الله ينهى المحتاج أن يأخذ مالاً قرضاً بالربا، 
وإنما أجد أن الله ينهى الذي أعطى القرض من أخذ الرباء الزائد على رأس ماله.
 تصديقاً لقول الله تعالى:
 {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } صدق الله العظيم [النساء:161]
 وأما بالنسبة للمحتاج ألا والله لا أجد في محكم كتاب الله أن عليه وزرٌ مثقال ذرة بل على الذي أخذ الرباء الزائد. 
وَ بلْ يلوم الله على الذين يأكلون أموال الناس بالباطل. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}صدق الله العظيم [النساء:161]
 وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين..
 أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.