الخميس، 8 نوفمبر 2012

طرق الشيطان في صد الناس عن اتباع الرسل والانبياء

وسأل سائل فقال:
 يا ناصر محمد اليماني دلنا على أعظم طرق الشيطان في صد الناس عن إتباع الرسل والانبياء ؟ 
فأجاب الذي عنده علم الكتاب فقال:
 وذلك حتى إذا ابتعث الله نبياً بالحق من رب العالمين فأول ما يحكم عليه قومه أنه مجنون كونهم تعودوا على هذه الدعوة من مجانين، ويتبين لهم أن الذين يدّعون النبوة أصابهم مسٌّ من الشياطين ولذلك يقولوا لنبيهم الحق من رب العالمين:
 {إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}
  [هود:54]، 
أي: أصابك بمسٍّ من الجن ولم تدافع عنك الآلهة كونك تذكرهم بسوء.فيطلقوا على النبي الحق من ربهم أنه مجنون، وسبب هذا القول لأمم الأنبياء لأنبيائهم هو بسبب مكر الشياطين بالوسوسة إلى الذين يدعون النبوة بالحق ثم يجعلوه مجنوناً ولا يقبل قوله العقل والمنطق, ولكنها بقيت لدى الشياطين مُعضلة وهي لو أن الله يؤيد نبيه بآية يرونها رأي العين فعلم الشياطين أن قومه سوف يصدقوه، ومن ثم اخترع الشياطين سحر التخييل ليعلموه إلى بعض أوليائهم الجاهلين فيقولون له:
 "اسحر أعين الناس واجلب لك مالاً منهم من وراء سحر التخييل وهؤلاء النوع 
من السحرة لم يكونوا يعلمون أصلاً ماهي الحكمة الشيطانية من اختراع سحر التخييل لأعين الناس, ومن ثم نبين لكم الحكمة الشيطانية من سحر التخييل، وهو حتى إذا بعث الله نبياً  ومن ثم يؤيده بآية معجزة خارقة من رب العالمين بالحق على الواقع الحقيقي 
ومن ثم يقول له قومه قد تبين لنا أنك لست بمجنون بل ساحرٌ عليم.ونأتي الآن للبحث عن هذا البيان على الواقع الحقيقي ونتابع قصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام حين أرسله الله إلى فرعون وقومه وقال نبي الله موسى:
{وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٠٤حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ 
عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ}
  [الأعراف:104-105]
ومن ثم رد عليه فرعون:
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٣قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴿٢٤قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴿٢٥قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٦قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴿٢٧}
  [الشعراء]
ومن ثم رد عليه نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام وقال:
{قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ} 
 [الشعراء:30]
ومن ثم رد عليه فرعون وقال:

{قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿١٠٦فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴿١٠٧وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴿١٠٨}
 [الأعراف]
ومن ثم غير فرعون فتواه الأولى عن جنون موسى عليه الصلاة والسلام
 وقال فرعون:
{قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿٣٥قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿٣٦يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴿٣٧فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴿٣٨وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ ﴿٣٩لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ﴿٤٠فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴿٤١قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿٤٢}
 [الشعراء]
{قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ ﴿٤٣فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴿٤٤} 
 [الشعراء]
وقــال الله تعالى: 
 {فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} 
[الأعراف:116]
ويقصد بوصفه "عظيم" أي: عظيم في الإثم كونهم يصدون بذلك عن التصديق بالآيات الحق من رب العالمين التي يؤيد بها رسله, ولكن نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام- ليس لديه خلفية عن السحر فخشي أن يكون سحرهم حقاً على الواقع الحقيقي كمثل آية التصديق التي أيده الله بها وخشي أن تكون ليس إلا كمثل آياتهم السحرية. ولذلك قال الله تعالى:
{قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴿٦٦ 
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴿٦٧} 
 [طه]
وهنا ألقى الشيطان في أمنية موسى الشك في الحق الذي جاء به.
 تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
 صدق الله العظيم [الحج:52]
ولكن الله أوحى إليه بوحي التفهيم وطمأن قلبه أنه سوف يدمغ الباطل بالحق على الواقع الحقيقي فإذا هو زاهق. وقال الله تعالى:
{قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ﴿٦٨وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ 
إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩}
  صدق الله العظيم [طه]
ومن ثم أحكم الله لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام آياته بالحق على  الواقع الحقيقي بعد أن ألقى الشيطان في قلبه الشك في الحق.
وقال الله تعالى:
{فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴿٦٦فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴿٦٧قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ﴿٦٨وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩} 
 صدق الله العظيم [طه]
وتبين لكم يا قوم كيف استطاع الشياطين أعداء الأنبياء أن يصدوا الأمم عن اتباع أنبياء الله، ولذلك لم يستطيعوا أن يجعلوا الناس أمة واحدة على صراطٍ مستقيم
 وذلك بسبب مكر الشياطين على مر العصور عن طريق شياطين الإنس والذين لا يعلمون, وبسبب هاتين الطريقتين من مكر الشياطين تواصى الشياطين بعضهم بعضاً بهاتين الطريقتين من المكر الخبيث ضد أنبياء الله، ولذلك نجح الشياطين نجاحاً كبيراً في صد كثيرٍ من الأمم عن اتباع رسل ربهم بسبب ذلك المكر الخبيث وبسبب ذلك المكر المُستمر عبر العصور من الشياطين نجحوا في صد البشر عن اتباع أنبياء الله.  وقال الله تعالى:
{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} 
صدق الله العظيم [الذاريات:52]
والحق أقول أن الأمم لم توصي بعضها بعضاً أن يكون ذلك هو ردهم على أنبياء الله
{سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}، 
بل تواصى بالمكر المسبب لهذا القول شياطين الجن والإنس حتى نجحوا في صدِّ الأمم, ولكنه بقي لديهم لو أن الله يؤيد أحد رسله بوحي غيبي فوجب عليهم أن يغامروا في استراق السمع من الملأ الأعلى عن علم الغيب، و الملائكة يتكلمون فيما بينهم بما علمهم رسول الله جبريل -عليه الصلاة والسلام- يخبرهم بما علمه به الله، ولكن هذا صعب على الشياطين بسبب الحرس الشديد والشهب، ولكن لا بد لهم أن يغامروا إصراراً منهم على إطفاء نور الله كمثل إصرار أبو حمزة محمود المصري حتى ولو يَصدُقوا في خطفة واحدة تحدث بالحق، فيوحوا بها إلى أوليائهم من شياطين الإنس ليتكلم بها عن علم الغيب فتحدث, وقالوا للكهنة العرافين المشعوذين قال لهم الشياطين:
 "لا تقولوا أن الشياطين هم من علموكم بتلك الخطفة بل قولوا إنما علمنا ذلك بسبب رصدنا لحركات النجوم"ولذلك قال محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
  [كذب المنجمون ولو صدقوا]
أي: كذب المنجمون أنهم علموا بتلك الخطفة الغيبية نتيجة رصدهم لحركات النجوم ولو صدقوا في تلك الخطفة، بل علمهم بتلك الخطفة الحق الشياطين الذين يسترقون السمع من الملأ الأعلى عن علم الغيب.
وقال الله تعالى:
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴿٦وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ﴿٧لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ﴿٨دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴿٩إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴿١٠}  
صدق الله العظيم [الصافات]
ولكن الشيطان المارد حين يفرُّ بالخطفة الغيبية عما سوف يحدث في الأرض فإنه يوحي بها إلى وليه من شياطين الإنس ليخبر بها الناس. وقال الله تعالى:
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴿٢٢١تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٢٢٢يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴿٢٢٣}
  صدق الله العظيم [الشعراء]
وأولئك هم العرافون، وكذلك منهم من يسمّون بالكهنة الذين يزعمون أن لديهم من علم الغيب وهم أولياء الشياطين, وإنما الحكمة من ذلك المكر الخبيث حتى إذا أيد الله أنبياءه بما يشاء من علم الغيب
ومن ثم يقول له الناس إنما هو كاهن  فقد سبق وأن أخبرنا كهنة وعرافين بأحداث غيبية وحدثت بالفعل.وياقوم وتالله لقد أحاطني الله بكافة مكرالشياطين حتى أُحبِط جميع مكرهم فأجعل الناس أمة واحدة على صرطٍ مستقيم, 
،،،،
وسلامُ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين
 خليفة الله الإمام المهدي ناصر محمد اليماني