الإمام ناصر محمد اليماني
19 - 02 - 1433 هـ
13 - 01 - 2012 مـ
[ لمتابعة رابط المشاركــــــــــــة الأصليّة للبيــــــــــــــــان ]
بيانٌ فيه المزيد من تحديد نصاب فرض الزكاة ..
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة
والسلام على جدي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجميع المسلمين
إلى يوم الدين..
وهذا ردنا على السائلين بالنسبة لقدر زكاة الحلي فهي العشر كما بيُناه
من قبل، ويتم استخراجها على حسب سعر الذهب في يوم إخراج زكاة الذهب وليس
حسب يوم شراءه.
وزكاة الأموال ليس لها ميقات معلوم بل يستخرج حق الله فيها يوم
اكتسابها، وأما الميقات المعلوم هي التي يمر عليها الحول كزكاة الإبل
والبقر وما دون ذلك من الأنعام، ولا يجوز للمتزكي أن يختار الهزيلة فيها
العجفاء من الشحم بل لن ينال البرَّ حتى يُخرج أحسن مافيها، فمن له عشرٌ من
الإبل فيخرج جملاً أو ناقةً وهو العاشر، وسواء يكون جمل أو ناقة فأهم شيء
أن يكون قد استخرج أحسن ما فيها، إلا في حالة واحدة أن يكون الأحسن ما فيها
جمل وهو الوحيد الفحل بين الإبل، فهنا لم يجعل الله عليه حرجاً أن ينفقه،
وينال البر أن ينفق غير الفحل الوحيد، ولكن بشرط أن يكون أحسن ما فيها من
بعد الفحل، كون الله لا يتقبل الصدقة الفرضية في الأنعام أن تنفقوا أهزلها.
تصديقاً لقول الله تعالى:
{لَن تَنَالُواْ الْبِرّ حَتّىَ تُنْفِقُواْ مِمّا تُحِبّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }
صدق الله العظيم [آل عمران:92]
فأما شطر الآية في قول الله تعالى:
{لَن تَنَالُواْ الْبِرّ حَتّىَ تُنْفِقُواْ مِمّا تُحِبّونَ} صدق الله العظيم،
فيقصد الصدقة الفرضية من الأنعام. ونستنبط أن الله لا يتقبل الهزيلة فيها،
وأما شطر الآية في قول الله تعالى:
{وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}
وأما شطر الآية في قول الله تعالى:
{وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}
صدق الله العظيم،
فهو يقصد النفقة الطوعية، ويفتيكم أنه يتقبل أي شيء
تنفقه طوعاً وليس شرطاً أن يكون الأحسن ما دامت صدقة طوعية، فتنالوا البرَّ
بأي شيء تنفقونه، كمثل أن يكون عند أحدكم عشرة بدلات من الملابس فالصدقة
منها طوعية ولم يشترط عليك الله أن تنفق أحسن ملابسك بل ما تشاء منها،
فيتقبل الله منك صدقة طوعية، فليس في الصدقة شرط أن تنفق الأحسن في الصدقة
الطوعية، ولكنها في الصدقة الفرضية فيكون الأحسن ما فيها شرطٌ. تصديقاً
لقول الله تعالى:
{لَن تَنَالُواْ الْبِرّ حَتّىَ تُنْفِقُواْ مِمّا تُحِبّونَ}.
ولكن ليس شرطاً أن تنفقوا كل ما تحبون...
وعلى سبيل المثال:
فلو
أن مع أحدكم مائة من الإبل وأحسن مافيها عشرة من الجمال والنوق، فلم يأمره
الله أن يأخذ العُشر من أحسن ما في إبله، بل يقتسم هو وربه فيعطي ربه الخمس
من الأحسن ويعوض الخمس بما دونهن خمس أخرى، ويحق له أن يشتريها من ربه
بشرط أن يكون حسب سعر سوقها، كون من الإبل من تبكي إذا فارقت صاحبها إذا
كان بها حنون.
ويحق للمتزكي أن يستخرج زكاة الأنعام ومن ثم يبيعها بسعر سوقها ويدفع
ثمنها كون العاملين عليها سوف يكلفهم إطعامها مبلغاً من المال حتى يذهب بها
إلى المكلفين باستلامها، وكذلك يحق لعمال بيت مال المسلمين تحويل أي زكاة
عينية إلى زكاة نقدية، وكذلك يحق للمتزكي تحويل الزكاة العينية إلى زكاة
نقدية حسب سعر سوقها وهو مؤتمن على بيعها، وأن يبيعها بحسب سعر سوقها ويحرص
في بيعها بأحسن سعر يعطى فيه في السوق، وكأنه سوف يبيعها لنفسه فهو
المؤتمن عليها، ويدع قيمتها إلى عامل ولي أمر المسلمين، ويأخذ إيصال بذلك.
وليس شرطاً أن يجلب العينيات بذاتها بل المهم أنه استخرج تماماً حق الله في
ما أنعم الله عليكم من بهيمة الأنعام.
وكذلك تجزي في بعض الأحيان زكاة واحدة على الأنعام والمال، كمثل أن
لأحدكم مائة من الإبل ويريد بيعها بمبلغ من المال، فإنه يأخذ من قيمة الإبل
التي باعها عِشْرَ المبلغ ويجزي عن زكاة الإبل وزكاة المال المكتسب الذي
هو ثمن بيعها وكذلك البقر وكذلك الغنم، ولا أجد في الكتاب أن زكاة الأنعام
تؤدى إلا مرة واحدة، وإذا حال الحول عليها فينظر صاحبها فإذا الإبل لا تزال
التسع الأولى التي زكى عليها من قبل في العام الماضي بالعشر فلا زكاة
عليها مرة أخرى، كون حق الله معلوم سواء في الزكاة العينية أو الزكاة
النقدية، وما تم استخراج حق الله فيه فقد أصبح طاهرا مطهراً، ففي كل عشر من
الأنعام العُشْر، وإذا حال على الإبل التسع الحَول فلم يجد صاحبها إلا أنه
زاد جملاً فعادت عشراً فلا زكاة فيها، وإن زادت إحدي عشر فلا زكاة فيها،
وهكذا حتى تبلغ تسعة عشر فلا زكاة فيها، فإذا بلغت الزيادة عشراً فأصبحت
عشرون وجبت الزكاة عليها، فيخرج حق الله منها العِشْر من الإبل التي لم
يسبق الزكاة عليها، والعَشْر الأولى صارت طاهرة ومباركة فلا زكاة عليها إلا
مرة واحدة فقط، ففي كل عَشْرٍ حق الله هو العُشْرُ، ولا ترفع الصلاة
والزكاة عن المسلم ما دام حياً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿٣١﴾}
صدق الله العظيم [مريم]،
أي
مدة دوامي حيّاً.
ولا تقبل الصدقة الطوعية إلا بدفع صدقة الزكاة الفرضية وهذا بالنسبة
للأغنياء برغم أن أجر الصدقة الطوعية أجرٌ أعظمُ عند الله من صدقة الزكاة
الفرضية بفارق ستمائة وتسعون ضعفاً، وقد أفتاكم بضعف صدقة الزكاة الفرضية
فإن حسنتها تكتب وكأنه أنفق عشر أمثالها. تصديقاً لقول الله تعالى:
{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ
بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:160]
صدق الله العظيم [الأنعام:160]
ولربمايودأن يقاطعني محمد العربي والذي غير عضويته إلى(نورهم يسعى بين أيديهم) وقد سأل الإمام المهدي على الخاص في العام الذي تبين فيه بيان الزكاة
فقال: "فهل لا يقبل الله الصدقة الطوعية إلا بدفع صدقة الزكاة الجبرية؟
"
ومن ثم نقول: يا حبيبي في الله إنما ذلك الشرط يطبق فقط على الأغنياء، فأن
الله يؤخر قبول الصدقة الطوعية حتى يدفعوا الصدقة الجبرية، وأما الفقراء
فيتقبل الله صدقتهم الطوعية، وليس عليهم صدقة جبرية. كون الصدقة الجبرية هي
فقط في حق الأغنياء على الفقراء. ولربما يود أن يقاطعني أحد السائلين
فيقول يا إمامي: "ولكني وكأني أرى في الكتاب أن الله أمر عبادة المسلمين
بإنفاق جميع أموالهم في سبيل الله، تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا
فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾يَوْمَ يُحْمَىٰ
عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ
وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا
كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾}
صدق الله العظيم [التوبة]
فتقول أمة الله:
"يا إمامي فهل الله أمرنا أن ننفق كافة ما اكتسبناه من
الذهب والفضة؟"
ومن ثم نرد عليها ونقول:
يا أمة الله إنما نصيب الله في
أموال الأغنياء حق معلوم.
تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ}
صدق الله العظيم
[المعارج:24]
ومن ثم تقول أمة الله: "فكم المعلوم؟" ومن ثم يرد عليها الإمام االمهدي
ونقول:
إن المعلوم جرام في كل عشرة جرامات فيصبح حق الله المعلوم جرام
واحد فقط في كل عشرة جرامات، وفي المئة الجرام من الذهب أو الفضة عشرة
جرامات بما أن حسنتها في الكتاب وكأنما أنفق عشر أمثالها فيصبح وكأنه أنفق
ماله من الذهب أو الفضة جميعاً برغم أنه لم ينفق إلا عشرة جرامات من كل
مائة جرام من الذهب أو الفضة، ولكن العشرة بعشر أمثالها، فيصبح وكأنه أنفق
ماله المكتسب من الذهب أو الفضة جميعاً.
وكذلك فحين يأخد منها حق الله الجبري أحسن العشر ما دون الفحل فلا زكاة
فيها من بعد ذلك وكأنه أنفقها جميعاً كون النفقة بعشر أمثالها، ولا زكاة
على تسعة عشر من الإبل أو الغنم أو البقر غير واحدة فقط حتى إذا بلغت
العشرون فيستخرج اثنتين إلا أن يكون قد أدّى حق الله من العشر الأولى
فواحدة فقط.
وخلاصة هذا البيان للمزيد من تحديد نصاب فرض الزكاة نقول:
أن حق الله في أموالكم وأنعامكم العُشْر، وآتوه حق يوم اكتسابه أو
حصاده، وأما التي يحول عليها الحول فهي الإبل والبقر والضأن والماعز وهو
العشر، ولا تؤخذ إلا مرة واحدة، ولا تزكى في كل حول إلا الزيادة فقط إذا
بلغ النصاب.
تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ}
صدق الله العظيم [المعارج:24]
وأما الصدقات الطوعية فتفرق عن أضعاف صدقة الزكاة الجبرية بستمائة وتسعون ضعفاً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{مَثَلُ
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ
حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
صدق
الله العظيم [البقرة:261]
وكما قلنا أن صدقة الزكاة الجبرية فأجرها وكأنما أنفق المال المكتسب
كله بمعنى وكأنك أنفقت كل مالك. وعلى سبيل المثال: فلو أن مع أحدكم مائة
جرام من الذهب فأخرج منها نصيب الله وهي صدقة الزكاة الجبرية، فيخرج عشرة
جرامات ذهب من كل مائة جرام أو جرام من كل عشرة جرامات أو ما يعادل قيمته
نقدا، فكأنما أنفق ذلك المال جميعاً. وذلك هو البيان الحق لقول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا
فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ
وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا
كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾}
صدق الله العظيم [التوبة]
ولكن
هل معنى ذلك أن الله أمركم أن تنفقوا أموالكم من الذهب والفضة جميعاً؟
والجواب سبق قبل هذا، فلم يأمركم إلا باستخراج العُشْرِ فيها، وبما أن
الحسنة بعَشْرِ أمثالها فكأنكم أنفقتموها في سبيل الله جميعاً، فكونوا من
الشاكرين.
تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}
صدق الله العظيم [سبأ:39]
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.