الجمعة، 27 أبريل 2012

وقفات مع قصة رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام،


 وقفات من  قصة رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام،

 
 رضاعة موسى عليه الصلاة والسلام..
فانظر لقول الله تعالى:

{وَنُرِ‌يَ فِرْ‌عَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُ‌ونَ ﴿٦﴾ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ موسَىٰ أَنْ أَرْ‌ضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَ‌ادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمرسلين ﴿٧﴾ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْ‌عَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْ‌عَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴿٨﴾ وَقَالَتِ امْرَ‌أَتُ فِرْ‌عَوْنَ قُرَّ‌تُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُ‌ونَ ﴿٩﴾ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ موسَىٰ فَارِ‌غًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّ‌بَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠﴾ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَ‌تْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُ‌ونَ ﴿١١﴾ وَحَرَّ‌مْنَا عَلَيْهِ الْمَرَ‌اضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ له نَاصِحُونَ ﴿١٢﴾ فَرَ‌دَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ‌ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌هُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣﴾}

صدق الله العظيم [القصص]
فتدبر قوله تعالى:
 
 {وَنُرِ‌يَ فِرْ‌عَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُ‌ونَ ﴿٦﴾}
  صدق الله العظيم،
 فإنهم كانوا يَحْذَرون ماتحذره يا علي عبد الله صالح بالضبط كما علمهم العرّافون بأنه يوجد مولودٌ وُلِدَ هذا العام وإن لم يُقضى عليه فسوف يؤول ملكك إليه، وبسبب هذا الاعتقاد قام فرعون بذبح جيلٍ كاملٍ من بَنِيْ إسرائيل ولم يُنجِ الله غير نبيَّه موسى عليه الصلاة والسلام! وتستفيد من هذه القصة يا فخامة الرئيس عدة أشياء إن كنت من أولي الألباب من الذين يتدبرون الكتاب وهي:
بأنه تبين لك بأن العرافين أولياء الشياطين فلا يحذّرون إلا من الصالحين، ألم يحذّروا فرعون من موسى وهو رجلٌ صالحٌ ؟ ثمّ لا تجدهم يا علي عبد الله صالح يحذرون من الكافرين وذلك لأنهم أولياؤهم، وكذلك تعلم بأنه لا يستطيع أحد أن يُغيّر قدر الله المقدور في الكتاب المسطور، فهل استطاع فرعون أن يُغيّر القدر برغم المكر المُضاد لتغيير القدر؟ووعد النصر والظهور للمهدي المُنتظر مثله كوعد ظهور نبيّ الله موسى فانظر لقول الله تعالى:

{فَرَ‌دَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ‌ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌هُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣﴾}
صدق الله العظيم [القصص]
فانظر لقول الله تعالى:
  {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌هُمْ لَا يَعْلَمُونَ}
  صدق الله العظيم.
 
التـــــــابوت..
وكذلك هل تعلم بأن التّابوت في حدِّ ذاته آية من الله أحضرته الملائكة الى اليمّ لكي تقذف أمّ موسى بموسى في التّابوت؟ ولو لم تجد التّابوت في اليمّ لما نفذت أمر الله، ولكن الله جعل ذلك آيةً لها لكي يطمئن قلبها. وليست هي من صنع التّابوت بل آيةٌ من الله يا حلمي لكي يطمئن قلب الأمّ على طفلها؛ إنا رادوه إليكِ وجاعلوه من المرسلين، برغم أن الله أمرها أن تلقيه في اليمّ ولو لم تجد التّابوت في اليمّ الذي أحضرته الملائكة لما نفذت أمر الله. وقال الله تعالى:
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أمّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمرسلين}
[القصص:7]
وكانت مترددة! إذ كيف تقذفه في اليمّ؟ ولكن ذات مرّة أرضعته وفجأة رأت جنود فرعون يقصدون دارها للتفتيش وهنا تذكرت الأمر بأنها إذا خافت عليه أن تقذفه في اليمّ فانطلقت به نحو اليمّ وهناك وجدت التّابوت فاطمئن قلبها ونفذت أمر ربّها ثمّ قذفت بموسى في التّابوت ثمّ قذفت التّابوت بيديها نحو الماء الجاري باليمّ ذلك لأن التّابوت كان راسياً بأطراف الماء يا حلمي. وقال الله تعالى:

{أنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابوت فَاقْذِفِيهِ فِي اليمّ فَلْيُلْقِهِ اليمّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ}
صدق الله العظيم [طه:39]
وذلك هو تابوت السّكينة ولكن فرعون أخذ التّابوت، ومن ثمّ أخذته من فرعون امرأتُه، أخذت موسى عليه الصلاة والسلام بتابوته، وظل التّابوت في قصر فرعون حتى أورث الله موسى ملك فرعون بما فيه التّابوت وآلَ إلى موسى وهارون ولكنه اختفى بعد موت موسى يا حلمي، وحملته الملائكة كما أحضرته من قبل.
وكان هارون يخلف موسى في قومه إذا غاب وكذلك خلفه من بعد موته ولو كانوا جميعهم قد تُوفُّوا لقال من بعد موسى وهارون ولكنّهُ حدد بأنّ موت موسى قبل هارون وأن هارون هو خليفة موسى من بعده. وقال الله تعالى:

{أَلَمْ تَرَ‌ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِيْ إسرائيل مِن بَعْدِ موسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَقَدْ أُخْرِ‌جْنَا مِن دِيَارِ‌نَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قليلاً مِّنْهُمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٢٤٦﴾}

صدق الله العظيم [البقرة]

 
 موسى عليه السلام وقتلُه نفْساً..
و كذلك نجد رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام بعد أن كان مجتهداً باحثاً عن الحقيقة في أحد المذاهب التابعة للبينات التي أنزلها الله على يوسف، وكان ينتمي إلى أحد المذاهب فلما استنجد بموسى واحدٌ من أحد علماء مذهبه وكان يتعارك مع عالمٍ آخرَ في طائفةٍ أخرى، فوكزه موسى بعصاه فقتله، ومن ثمّ في يومٍ آخر وإذا بالرجل الذي استصرخه بالأمس يستنجد به على عالمٍ آخر، ولكن هذا العالم وعظ موسى وقال له قولاً بليغاً:
{أَتُرِ‌يدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تريد إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارً‌ا فِي الأرض وَمَا تريد أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٩﴾}
صدق الله العظيم [القصص]
وهنا استيقظ موسى من غفلته وقال: تالله إنك لغويٌ مبين. وعلم أن المقتول ينتمي
 لآل فرعون وقد يقتلونه وخرج الى ربّه مهاجراً ليهديه وقال:
{فَفَرَ‌رْ‌تُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي ربّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمرسلين ﴿٢١﴾}
[الشعراء]
ومن ثمّ فرّ موسى وهو متألمٌ لما حدث، وقال:

{رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ له إنّه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
[القصص:16]
ومن ثمّ قرر أن يفرّ من آل فرعون وكذلك يعتزل شيعته الذين كانوا سبباً في قتله لنَفْسٍ بغير الحقّ ويرى أنه لمن الضالين ولم يهتدي إلى الحقّ بعد، وقرر الفرار من آل فرعون ويهاجر إلى ربّه ليهديه سبيل الحقّ. واصطفاه الله واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً وقال له فرعون: قال الله تعالى:

{قَالَ أَلَمْ نُرَ‌بِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِ‌كَ سِنِينَ ﴿١٨﴾ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِ‌ينَ ﴿١٩﴾قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ﴿٢٠﴾ فَفَرَ‌رْ‌تُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي ربّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمرسلين ﴿٢١﴾}

صدق الله العظيم [الشعراء]
ومعنى قول موسى :
 {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ﴿٢٠﴾ فَفَرَ‌رْ‌تُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي 
ربّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمرسلين﴿٢١﴾} 
صدق الله العظيم،
 بمعنى: أنه كان من الضالين عن الطريق الحقّ.
 بمعنى: أنه كان يظنّ أنه على الحقّ وتبين له أنه لا يزال ضالاً عن الحقّ وكان يظنّ هذه الطائفة على الحقّ حتى إذا فرّ وهاجر في سبيل الله اصطفاه الله واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً بعد رجوعه من مدين وبعد أن اصطفاه الله واستخلصه لنفسه وابتعثه إلى فرعون رسولاً، واعتقد موسى أنه لا ولن يشك أبداً في الحقّ الذي هداه الله إليه وأيده بآيتين من عنده، واعتقد موسى أنه لا يفتنه شيء عن الحقّ الذي علمه من ربّه وأراد الله أن يعلمه درساً في العقيدة في علم الهُدى، فألقى الشيطان في أمنيته شكاً حين ألقوا السّحرة، فانظروا إلى موسى بعد أن تحققت أمنيته و هداه الله إلى سبيل الحقّ فجعله نبياً ورسولاً

لحظة القاء الشيطان فى أمنية نبيّ الله موسى
 عليه الصلاة والسلام..
و من ثمّ ألقى الشيطان في أمنيته الشكّ، وذلك عندما ألقى السّحرة عصيّهم وحبالهم وخُيِّل إلى موسى والناس الحاضرين بأنها ثعابين تسعى فأوجس في نفسه خيفة؛ موسى.ومن ثمّ أوحى الله إليه بوحي التّفهيم واليقين بما أوتي وإنما جاؤوا بالباطل،
 ومن ثمّ قال:
{فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ موسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحر إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمفسدين ﴿٨١﴾}
صدق الله العظيم [يونس]
ومن ثمّ ألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون، وهُنا حكم الله لموسى آياته و بيّن له الحقّ من الباطل بعد أن ألقى الشيطان فى أمنيته الشك.

  
 موسى يردّ ماءَ مَــدين..
وَرَدَ موسى عليه الصلاة والسلام إلى ماء مدين ولكنكم تعلمون أنه لم يدخل إلى ماء مدين بل ورد إليه أي وصل إلى ساحة بئر مدين. وقال الله تعالى:
{وَلَمَّا وَرَ‌دَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النّاس يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَ‌أَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ‌ الرِّ‌عَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ‌ ﴿٢٣﴾}
صدق الله العظيم [القصص]

موسى وتكليمُ الله له تكليماً من وراء الحجاب 
_ الشجرة - في البقعة المباركة..
قال الله تعالى:

{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسَىٰ ﴿٩﴾ إِذْ رَ‌أَىٰ نَارً‌ا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارً‌ا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّار هُدًى ﴿١٠﴾ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا موسَىٰ ﴿١١﴾ إِنِّي أَنَا ربّك فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٢﴾وَأَنَا اخْتَرْ‌تُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ ﴿١٣﴾ إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِ‌ي ﴿١٤﴾ إِنَّ السّاعة آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كلّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ ﴿١٥﴾ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْ‌دَىٰ}

صدق الله العظيم [طه]
ومن ثمّ استرسل بالكلام مع موسى وأمره أن يخلع نعليه من باب التقديس لنور ربّه الجاثم فيه والذي صار الوادي الذي أصابه نور من ذاته فأصبح الوادي طوى مقدساً بسبب نور الله الساقط على موسى ولا زال حذاء موسى بقدميه ولذلك أمره الله أن يخلعها من باب التقديس لنور ربّه؛ بل قد صار الوادي مقدساً بسبب نور الله الواقع عليه. ولذلك قال الله تعالى:

{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا موسَىٰ﴿١١﴾إِنِّي أَنَا ربّك فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}
صدق الله العظيم
وذلك من باب التقديس لنور الله فكيف يقف فيه بحذائه وقد صار الوادي مقدساً بسبب نور الله؟ ثمّ استرسل في الكلام معه وقال الله تعالى:

{إِنِّي أَنَا ربّك فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٢﴾وَأَنَا اخْتَرْ‌تُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ ﴿١٣﴾ إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِ‌ي ﴿١٤﴾ إِنَّ السّاعة آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كلّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ ﴿١٥﴾ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْ‌دَىٰ ﴿١٦﴾}

صدق الله العظيم [طه]
وصدق الله العظيم إذ قال:
{عِندَهَا جنّة الْمَأْوَىٰ ﴿١٥﴾}
[النجم]
وذلك لأن السدرة أكبر حجماً من الجنّة التي عرضها كعرض السماء والأرض! أم تظنونها شجرة صغيرة فكيف تكون الجنّة عندها وأنتم تعلمون بأن الجنّة عرضها السماوات والأرض! أفلا تتفكرون؟
بل هي من آيات ربّه الكبرى التي رآها محمد رسول الله في منتهى موقع المعراج فتلقى الكلمات من ربّه من ورائها. تصديقاً لقول الله تعالى:

{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ‌ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَ‌اءِ حِجَابٍ}
صدق الله العظيم [الشورى:51]
وهل تظنّون أنّ الله كلم موسى تكليماً في البقعة المباركة جهرةً؟ بل من الشجرة المباركة وقربه الله نجياً وموسى عليه الصلاة والسلام في الأرض. وقال الله تعالى:
{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمباركة مِنَ الشَّجَرَ‌ةِ أَن يَا موسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين ﴿٣٠﴾}
صدق الله العظيم [القصص]
ولربما يستغل الضالّون هذه الآية فيؤولونها بالباطل. فأمّا قوله تعالى في شطر الآية الأول فيتكلم عن موقعٍ وبأن موقعه في البقعة المباركة من شاطئ الوادي الأيمن، وأما موقع الصوت فهو من الشجرة، لذلك قال الله تعالى بأنه كلم موسى من الشجرة.
 وقال سبحانه:
{نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمباركة مِنَ الشَّجَرَ‌ةِ أَن يَا موسَىٰ 
إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين ﴿٣٠﴾}
وأما النَّار فالحكمة منها إحضار موسى إلى البقعة المباركة وهي في الحقيقة نورٌ وليست نار، وإنما حسب ظن موسى بأنها نارٌ ولكنه حين جاءها فلم يجدها ناراً بل نورٌ أتى من سدرة المُنتهى، ولكنه لم يرى موسى بأن هذا الضوء آتٍ من السماء بل كان يراه جاثماً على الأرض فأدهش ذلك موسى عليه الصلاة والسلام، ومن ثمّ وضع رجله على ذلك الضوء الجاثم على الأرض فلم يشعر بحرارته مستغرباً من هذا الضوء الجاثم على الأرض فإذا بالصوت يُرحب به من الشجرة؛ سدرة المُنتهى:
{نُودِيَ أَن بُورِ‌كَ مَن فِي النَّار وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّـهِ ربّ العالمين ﴿٨﴾}
صدق الله العظيم [النمل]
فأمّا الذي بورك فهو موسى بعد دخوله دائرة النّور الذي ظنّها ناراً، ومن ثمّ رأى أن النّور في الحقيقة منبعث من السماء، فرفع رأسه ناظراً لنور ربّه المُنبعث من سدرة المُنتهى، ومن ثمّ عرف الله لموسى بأن هذا النّور منبعث من نور وجهه سبحانه. لذلك قال الله تعالى:

{يَا موسَىٰ إنّه أَنَا اللَّـهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴿٩﴾}
[النمل]
وذلك لأن الله نور السماوات والأرض ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نورٍ.
ولا يزال لدينا الكثير من البرهان لتأويل الحقّ لهذه الآية والذي يريد أن يستغلها المسيح الدجال فترون ناراً سحريّة لا أساس لها من الصحة، ثمّ ترون إنساناً في وسطها فيكلمكم! وخسئ عدو الله، ولأنه يقول بأنه أنزل هذا القرآن سوف يعمُد إلى هذه الآية وقد روج لها أولياؤه تأويلاً بالباطل للتمهيد له، ولكنا نعلم بأن الله لس كمثله شيء فلا يشبه الإنسان، وليس كمثله شيء من خلقه في السماوات ولا في الأرض، وهيهات هيهات لما يمكرون، وليس الله هو النّور بل النّور ينبعث من وجهه تعالى 
علواً كبيراً. وقال سبحانه وتعالى:
{اللَّـهُ نُورُ‌ السَّمَاوَاتِ وَالأرض مَثَلُ نُورِ‌هِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّ‌يٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَ‌ةٍ مبَارَ‌كَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْ‌قِيَّةٍ وَلَا غَرْ‌بِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ‌ نُّورٌ‌ عَلَىٰ نُورٍ‌ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِ‌هِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِ‌بُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴿٣٥﴾}

صدق الله العظيم [النور]
فلا تُفَكِّروا في ذاته فكيف تتفكرون في شيء ليس كمثله شيء؟!
 وتعرّفوا على عظمة الله من خلال آياته بين أيديكم ومن فوقكم ومن تحتكم وتفَكَّروا في خلق السماوات والأرض ومن ثمّ لا تجدون في أنفسكم إلا التعظيم للخالق العظيم وأعينكم تسيل من الدمع مما عرفتم من عظمة الحقّ سبحانه ومن ثمّ تقولون ربنا ما خلقت هذا باطلاً سُبحانك فقنا عذاب النار.وأجبرني على بيان ذلك برهان حقيقة المعراج لمحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من الثرى إلى سدرة المنتهى
بالجسد والروح لكي يرى من آيات ربّه الكبرى بعين اليقين ثمّ يتلقى الوحي مباشرةً
 من ربّ العالمين.
 
العصـــا والـمعجـــزة..
ومن ثمّ أراد الله أن يسأل موسى عن ما في يمينه وهو يعلم أنها عصا، وإنما لكي يأتي لنا بتعريف لها بلسان موسى فنعلم أنها مجرد عصا عادية يهش بها على غنمه وله فيها مآرب أخرى وهو الضرب بها للدفاع عن نفسه.
ومن بعد التعريف أراد الله أن يرينا ويري موسى عجائب قدرته سبحانه وقال:

{قَالَ أَلْقِهَا يَا موسَىٰ ﴿١٩﴾ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ﴿٢٠﴾}

صدق الله العظيم [طه]
لكن موسى ولى مدبراً ولم يعقب على حذائه بل فرّ حافي القدمين من ذلك الثعبان المبين فقد تحولت العصا إلى ثعبانٍ مبينٍ فارتكزت على ذيلها ولكن موسى وراء ظهرها فتصور موسى لو تلتفت فتراه وراءها لالتهمته برغم أنه كان يكلم ربّه ولكنه مُلِئ منها رُعباً شديداً، ولذلك ولى مدبراً ولم يُعقب حتى على حذائه ليأخذه معه؛ بل هرب حافي القدمين ولكن الله ناداه:

{يَا موسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ}
[النمل:10]
ثم عاد موسى وهو لا يزال خائفاً من ذلك الثعبان المبين التي لم يرى مثلها قط في حياته في الضخامة والعظمة فعاد إليها حياءً من ربّه وهو لا يزال خائفاً، ولكن الله أمره أن يأخذها ولا يخف، حتى إذا أمسك بذيلها وشعر أنها حيّة تهز يده لكي يعلم أنها حيّة حقيقية وليست سحريّة في الرؤيا البصرية، ومن ثمّ أرجعها الله إلى سيرتها الأولى، فعادت عصا موسى التي يهشّ بها عل غنمه وله فيها مآرب أخرى.
وأمّا يده فيضعها على قلبه والجيب على القلب فتخرج بيضاء بنورٍ ذات شُعاعٍ ساطعٍ فتضيء في وضح النّهار.
والمقصود من قوله تعالى:
{مِنْ غَيْرِ‌ سُوءٍ} [طه:22]
 أي من غير سحرٍ في الأعين بل نورٌ حقيقيٌّ واقعيٌّ
 واحلُل عقدةً من لسانى يفقهوا قولـــي..
قال الله تعالى:
{قَالَ رَ‌بِّ اشْرَ‌حْ لِي صَدْرِ‌ي ﴿٢٥﴾ وَيَسِّرْ‌ لِي أَمْرِ‌ي ﴿٢٦﴾ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ﴿٢٧﴾ يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴿٢٨﴾}
صدق الله العظيم [طه]
فماهي العقدة التي جعلوا في بيانها أسطورة ما أنزل الله بها من سلطانٍ؟
 بل العقدة تأتي في كثير من النّاس فلا يستطيع لسانه أن ينطق أحد أحرف اللغة.
وعلى سبيل المثال:
  أذكر مدير ناحية أتى لدينا قبل أكثر من خمسة عشر سنة وكان يضحك منه بعض أهالي القرية لأنه لا يستطيع أن ينطق أي كلمةٍ يأتي فيها حرف الراء.
وأتذكر يوم أتانا مبعوثاً من الحكومة وأفادنا أنه (مُدي الناحية) فاستغربنا ما يقصد بقوله (مدي الناحية)، وقال أحد مرافقيه هذا مدير الناحية، فعلمنا أنه يقصد بقوله (مدي الناحية) أي مدير الناحية، ومن ثمّ أخبرنا المدير نفسه أنه لا يستطيع أن ينطق حرف الراء بل يجعله ياءً.
وعلى سبيل المثال: 
 إذا أراد أن يقول مركز الناحية فسوف يقول (ميكز الناحية) فحول حرف الراء إلى ياء.
وإنما ضربت لكم مثلاً لكي تفقهوا المقصود بالعقدة في لسان نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام إنها عقدة في أحد الحروف لا يستطيع أن ينطقه بذاته بل يحوله إلى حرف آخر، ولذلك سوف يكون عائقاً لدى القوم في فهم بعض كلماته بسبب عقدة لسانه فاستجاب الله له دعوته وأحلل له هذه العقدة فنطق بالحرف كما هو، وإنما كانت في حرف واحد فقط، وكذلك تأتي هذه العقدة في كثير من الناس.
ولعل بعضكم يعرف أحداً لديه عقدة في لسانه في أحد الأحرف لا ينطقه كما هو بل يحوله لحرف آخر وتلك هي عقدة اللسان.
وحقيقة لهذا البيان تجدون من لديه عقدة في لسانه لا يستطيع أن ينطق أحد الأحرف كما هو، ولذلك لن يفهم النّاس الكلمة التي يقولها وفيها الحرف الذي لسانه فيها معقود، لذلك ينطقها فيحولها لكلمةٍ أخرى، ولذلك لن تفقهوا الكلمة التي يوجد بها الحرف ذي العقدة لأنه سوف يحولها إلى كلمةٍ أخرى كما أسلفنا القصة، فالمدير يقول (القيّة) فهل فهمتم ما يقصد بقوله (القية)؟ فهذا يحتاج إلى مترجم فيقول لنا أنه يقصد بقوله (القية) أي (القرية)، برغم إنه متعلم ومثقف وضابط خريج وذو لسانٍ عربيٍ مبينٍ إذا تكلم بالكلام الذي لا يوجد فيه حرف الراء حتى إذا جاء حرف الراء فلا نفقه مما يقول شيئاً.
وكذلك نبيّ الله موسى كانت لديه مشكلة وهي عقدة في لسانه من أحد الأحرف فدعى ربّه أن يحللها له لكي يفقهوا قوله فاستجاب الله له إنه هو السميع. ولذلك قال الله تعالى في دعاء نبيه موسى:
{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ﴿٢٧﴾ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴿٢٨﴾}
صدق الله العظيم

 
 موسى عليه الصلاة والسلام يدعو فرعون لعبادة الله فيعتقد فرعون أنه ساحر..
فلنتابع قصة موسى وفرعون والسّحرة..وقال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون حين حكم عليه بادئ الأمر بالجنون وتهدده وتوعده، وقال موسى:
{قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مبين ﴿٣٠﴾ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٣١﴾ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثعبان مبين ﴿٣٢﴾ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِ‌ينَ ﴿٣٣﴾ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ‌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾}
صدق الله العظيم [الشعراء]
فانظروا إلى نجاح المكر الشيطاني في صدّ الأمم عن اتباع الصراط المستقيم، فهنا نجد فرعون حكم على موسى بادئ الأمر بالجنون حتى إذا جاءه موسى بسلطانٍ مبينٍ فعندها تغيرت نظرية فرعون تجاه موسى بأنه ليس مجنوناً
 فانظروا إلى قول فرعون: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}، ويقصد فرعون بأن موسى ليس إلا ساحراً وسوف يأتيه بسحر مثله وهو مكر الشياطين الخبيث حتى لا تُصدق الأمم بمعجزات التّصديق من الله لرسله الحقّ فلنتابع القصة بتدبر وتمعن،
 وقال الله تعالى:
{قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ‌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾ يُرِ‌يدُ أَن يُخْرِ‌جَكُم مِّنْ أَرْ‌ضِكُم بِسِحْرِ‌هِ فَمَاذَا تَأْمُرُ‌ونَ ﴿٣٥﴾ قَالُوا أَرْ‌جِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِ‌ينَ ﴿٣٦﴾ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ‌ عَلِيمٍ ﴿٣٧﴾}

صدق الله العظيم [الشعراء]
إذاً يا قوم لولا اختراع سحر التَّخييل الذي تعلِّمه الشياطين لبعض الناس إذاً لصدقت الأمم رسل ربّهم ولما كذبوا بآيات التّصديق الحقّ وهداهم الله الصراط المستقيم، ولكن الشيطان أصدقهم ظنّه وقعد لهم بالصراط المستقيم فصدّهم عن السبيل باختراع سحر التخييل والذي ليس له أي حقيقة في الواقع الحقيقي.

  
 موسى والسّحرة وحبالُـــــهم..
فتعال لأعلمك الفرق العظيم بين عصا موسى وعصي وحبال السّحرة، فأما عصي وحبال السّحرة فهي في الحقيقة لا شيء في الحقيقة حتى بنسبة 1 في التلريون أو بنسبة واحد في البليون أو بنسبة واحد في المليار أو بنسبة واحد في العشر! إذاً النتيجة لحقيقة عصي وحبال السّحرة هي صفر في المائة أي لا شيء. ومثله كمثل سراب بقيعة يحسبه الظمأن ماءً ويراه بعينه ماءً لا شك ولا ريب حتى إذا جاءه لم يجد شيئاً في الحقيقة على الواقع ولا حتى جُزء من نُطفة ماء أي لا شيء ثمّ يموت من الظمأ ولم يُغني عنه من ظمَئه شيئاً.
وكذلك حبال وعصي السّحرة ليس لها أي حقيقة مما يراه الناظرون وإنما في خيال الأعين يُخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى، ولكن لو ذهب فرعون إلى عصي وحبال السّحرة وأمرهم أن يمسكوا حبالهم وعصيّهم التي يراها ثعابين فيأمرهم أن يمسكوها من رؤوسها وذلك حتى يجرؤُ على لمسها بيده. ومن ثمّ يمسك مؤخرتها بيده فسوف يجد الحبل في ملمس اليد هو حبل ولم يتحول إلى شيء آخر وباقي كما هو حبل.
وكذلك العصي يجدها في قبضة يده عصيٌ من العود وملمسها عودٌ ولم تتغير فتتحول إلى شيء آخر وباقية عصي كما هي في حقيقتها عصيٌ من عود فيدرك ذلك فرعون لو فعل ذلك أن عصي وحبال السّحرة لم تتحول إلى ثعابين كما تُرى في خيال الأعين وإنما كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ولم يجد حتى قطرة واحدة في الحقيقة برغم أنه كان يراه على بعد منه ماء لا شك ولا ريب في بصر الأعين.المهم، ومن ثمّ يتوجّه فرعون إلى عصا موسى عليه الصلاة والسلام ويقول له أمسك ثُعبانك برأسه حتى أتأكد من ملمسه وحياته وحركته يا موسى، ومن ثمّ يفرك فرعون ذيل ثعبان موسى بيده وسوف يجدها تهزه فتركضه بذيلها الضخم فيقع من مقامه.ومن ثمّ يتبين له الفرق بين سحر التخييل والحقيقة فوجد سحر التخييل ليس له أي أساس من الحقيقة على الواقع الحقيقي وأما ثعبان موسى والتي كانت عصا فهي حقاً تحولت بقدرة الله كُن فيكون إلى ثعبان مبين؛ بل وأكلت جميع عصي وحبال السّحرة وابتلعتها أجمعين في بطنها وكأنها وحشٌ كاسرٌ يبتلع أي شيء فنزل رعبٌ شديدٌ منها على السّحرة فخشوا أن تبتلعهم فخروا لله ساجدين تائبين نظراً لخلفيتهم عن السحر.
فهم يعلمون أنها آية حقيقة على الواقع الحقيقي وليست كمثل عصيّهم التي لم تتحول إلى شيء آخر وإنما يُخيل للناظرين أنها ثعابين تسعى وهي في الحقيقة لم تتحول شيئاً وإنما في خيال الأعين.
وأما عصا موسى فقد أيقنوا أنها ثعبان مبين وبلغت قلوبهم الحناجر من شدة الفزع من هذا الثُعبان العظيم، أضخم وأعظم وأكبر ثعبان على وجه الأرض؛ بل خشي السّحرة أن تبتلعهم فوق عصيّهم وحبالهم وفروا من الله إليه فخروا له ساجدين .
وأما فرعون فيظن عصا موسى ليس إلا مثلهُا كمثل عصي وحبال السّحرة وإنما لديه علم أوسع منهم؛ بل قال إنه لكبيركم الذي علمكم السحر! ولو علم فرعون أنها ثعبانٌ مبينٌ لولى مدبراً ولم يُعقب كما ولى موسى عليه الصلاة والسلام منها في الوادي المقدس طوى بعد أن خلع نعليه بأمر من ربّه ومن ثمّ سأله الله وما تلك بيمينك يا موسى وذلك حتى يأتي التعريف من موسى لعصاه ليعلم النّاس إنما هي عصا عادية ولو لم يسأله هذا السؤال لجعلتم لها أعظم أسطورة أنها من ثعابين الجنّة أتت من السموات العُلا من عند سدرة المُنتهى، ومن ثمّ يُصدق الذين لا يعقلون فيضيعون التبيان لقدرة الله كن فيكون، ولذلك سأله الله وهو يعلم أنها عصا وإنما لكي يأتي لها تعريف من موسى لتعلموا أنتم أنها عصا كمثل أي عصا، حتى إذا جاء التعريف أمره الله أن يلقيها ليري موسى والمؤمنين عجائب قُدرته سبحانه الذي إذا أراد شيئاً أن يقول له كُن فيكون. فأمره أن يلقي بالعصا فإذا هي ثعبان مبين بكن فيكون، فولى موسى مدبراً ولم يُعقب.
ومعنى قول الله تعالى ولم يعقب على المكان ليأخذ حذاءه بل ولى حافي القدمين، وهو الموقف الذي أعلمُ علم اليقين أنه أضحك الله منه وهو دائم غضبان من ظُلم عباده لأنفسهم.ومن ثمّ نادى موسى أن يرجع ولا يخاف وإنه لا يخاف لدي المرسلون، وأنزل السّكينة على قلبه.وعاد فنظر إليها فإذا هي ثعبان عظيم لم يرى قط مثله في حياته ومن ثمّ أمره الله أن يأخذها وسيعيدها سيرتها الأولى فتعود إلى عصى كما كانت وأمره أن يذهب إلى فرعون وأنها آية للتصديق، وكذلك يده يجعل فيها نور يكاد أن يختطف الأبصار في وضح النّهار.ألا وإن الفرق لعظيم بين السِّحر وبين الحقيقة كالفرق بين سراب بقيعة والمحيط الهادي! فأما سراب البقيعة فلن تجد حقيقة للماء الذي رأيته عن بعد حتى إذا أتيت إليه لم تجده شيئاً وأما المحيط الهادي فأنت رأيته بحراً عظيماً عن بعد حتى إذا جئت إليه فإذا هو حقاً بحرٌ عظيمٌ تغور فيه الجبال الشامخات.ولكنك أخي الكريم كدت أن تصنع دعاية للباطل وكأن السِّحر كالحقيقة، وإنما سحر في لفظ القرآن وكأنه حقيقة وليس إلا القرآن وصفه سحر، وأخطأت بارك الله فيك وغفر لك أخي الكريم، وإنما صنعوا كيد ساحر ولا يُفلح الساحرُ حيث أتى، أعاذك الله من سحرهم ومكرهم، ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون.فتوبوا إلى الله يا معشر الساحرين وإن لم تتوبوا فإنا فوقكم قاهرون ولن تستطيعوا أن تسحروا أعين النّاس في عصر المهديّ المنتظَر لأنه بعلمه يكشف حقيقة سحركم أنه لاشيء على الواقع الحقيقي.
ولكن المشكلة لدى النّاس في الأمم الأولى هو أنهم لم يستطيعوا أن يُفرّقوا بين السِّحر والمُعجزة، ويكشف حقيقة سحر التخييل هو ملمس باليد فلا تجد حقيقة لما أراك الساحر.
وعلى سبيل المثال:
 لو قال محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لقومه سوف يتنزل عليكم كتاب في يوم الجمعة ظهراً من السماء السّاعة الثانية عشر فعليكم ياقريش بالحضور جميعاً في المكان المعلوم لا أخلفه لا أنا ولا أنتم في مكان سوياً عند المسجد الحرام، ومن ثمّ قال قريش بل سوف نحضر السّحرة ينزلون كُتباً من السماء كمثل كتابك الذي تريد أن تُخيل إلينا أنه ينزل من السماء، ومن ثمّ يأتي السّحرة ويبدأون بتنزيل الكتب، ومن ثمّ يتلقف الكتاب أحد كفار قريش ليمسكه بيده فسوف يمسك هواء لا شيء، وإنما تخيّلٌ في النظر، ومن ثمّ يتنزل القرآن العظيم في كتاب من عند ربّ العالمين، ومن ثمّ يتلقفه الوليد بن المُغيرة فيمسكه بيده فإذا هو كتاب حقٌّ على الواقع الحقيقي، ومن ثمّ يلمسه كُفار قريش بأيديهم أجمعين لقالوا إنما هذا سحر مبين ويا سُبحان الله كيف سحر وقد لمسوه بأيديهم أفلا يعقلون؟
ولكن الكفر بالمعجزة آية التّصديق لا يتلوها إلا العذاب، ولذلك علم الله أنهم لم يؤمنوا ولو علم بإيمانهم بالحقّ لنزل القرآن عليهم وهم ينظرون وحتى لا يعذبهم الله نزل به جبريل الأمين باللفظ ويتم تسجيله برق منشور وقال الله تعالى:

{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْ‌طَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُ‌وا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ‌ مبين ﴿٧﴾}

صدق الله العظيم [الأنعام]

موسى يضرب البحر فَـــينفلق..
فكيف أن موسى يضرب البحر فانفلق؟ وقال الله تعالى:
{فَأَوْحَيْنَا إِلَى موسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كلّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}
صدق الله العظيم [الشعراء:63]
فبالله عليكم أليس بالعقل والمنطق أن يتوقف فرعون والذين معه حين شاهدوا البحر انفلق، ومن ثمّ يتوقف فرعون ويقول آمنت أنه لا إله إلا الله وآمنت أن موسى رسول الله؟وهذا لو كان يعقل ولكنه كالبهيمة هو والذين معه؛ بل واصلوا الزحف لمُطاردة نبيّ الله موسى - صلّى الله عليه وآله وسلّم - والذين آمنوا معه حتى إذا وصلوا بالمنتصف وموسى ومن معه خرجوا، ومن ثمّ انقضَّ البحر على فرعون والذين معه من الجانبين للبحر المُنفلق أمام أعينهم من قبل أن يدخلوا فيه، وحين وقع العذاب عليهم بالغرق أعلن فرعون إسلامه وشهد لله بالوحدانية وأنه من المسلمين التّابعين للدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إليه نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام.
فانظروا إلى قول فرعون في قول الله تعالى:

{حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ إنّه لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسرائيل وَأَنَا مِنَ الْمسلمينَ}
صدق الله العظيم [يونس:90]
ثم انظروا إلى الردّ عليه من الله تعالى:

{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمفسدين ﴿٩١﴾}
صدق الله العظيم [يونس]
لماذا لم يتوقف فرعون وآل فرعون عن اجتياز اليم؟
كما أجاب دعوة نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام وسوف أضرب لك على ذلك مثلاً في قول الله تعالى:

{فَأَوْحَيْنَا إِلَى موسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كلّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}
وقال الله تعالى:
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسرائيل الْبَحْرَ‌ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْ‌عَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَ‌كَهُ الْغَرَ‌قُ قَالَ آمَنتُ إنّه لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسرائيل وَأَنَا مِنَ الْمسلمينَ ﴿٩٠﴾ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمفسدين ﴿٩١﴾ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرً‌ا مِّنَ النّاس عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴿٩٢﴾}
صدق الله العظيم [يونس]
والسؤال الذي يطرح نفسه للعقل والمنطق هو:
 لماذا آل فرعون حين شاهدوا البحر انفلق وكان كل فرق كالجبل العظيم شاهق الإرتفاع، والسؤال الذي يطرح نفسه للعقل والمنطق هو لماذا آل فرعون لم يتوقفوا عن مطاردة نبيّ الله موسى ومن معه كونهم يشاهدون معجزةً كبرى أمام أبصارهم، وذلك لأن البحر انفلق أمام أبصارهم وكان كل فرق كالطود العظيم، وجعل الله لنبيه موسى ومن معه طريقاً يبساً وسط البحر؟ أليس من المفروض أن يتوقف فرعون عن مطاردتهم فيؤمن بالله ويكون من المسلمين؟ ولكنها لم تغني عنهم أبصارهم ولا عقولهم من أمر الله إجابة لدعوة نبيّ الله موسى في قول الله تعالى:
{وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَ‌وُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿٨٨﴾قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا}

صدق الله العظيم [يونس:88-89]
وسبحان ربّي فانظروا إجابة الدعوة الحقّ فكيف أنه لم يؤمن فرعون ومن معه حين انفلق البحر أمام أبصارهم بل لم يؤمنوا إلا حين وقوع العذاب الأليم بالغرق ومن ثمّ آمن فرعون حين وقع في عذاب الغرق. وقال الله تعالى:

{قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٨٩﴾ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسرائيل الْبَحْرَ‌ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْ‌عَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَ‌كَهُ الْغَرَ‌قُ قَالَ آمَنتُ إنّه لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسرائيل وَأَنَا مِنَ الْمسلمينَ ﴿٩٠﴾ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمفسدين ﴿٩١﴾ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرً‌ا مِّنَ النّاس عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴿٩٢﴾}
صدق الله العظيم [يونس]
فاعتبروا يا أولي الأبصار وتدبروا البيان الحقّ للذكر ألا وإن النّور هو في التدبر والتفكر في آيات الكتاب، ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.


فرعون وقومه لايعقلون
ومن ثمّ يردّ على عمروا المهديّ المنتظَر وأقول:
 يا عمروا، إنّ الذين يدعون مع الله موسى أن يدعو الله قومٌ لا يعقلون، ولسوف أُثبت لك أنّهم قوم لا يعقلون، فكيف إنّ الله فلق البحر نصفين ليجعل لهم وسط البحر طريقاً يبساً لينقذهم من فرعون وجنوده حتى إذا أنقذهم وخرجوا إلى بَرِّ الأمان وجدوا قوماً يعكفون على عبادة الأصنام، فقالوا لنبيهم موسى عليه الله الصلاة والسلام: اجعل لنا إلهاً كما لهم إلهٌ. فهل تراهم قوماً قدروا ربّهم حقٌّ قدره؟ وقال الله تعالى:
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسرائيل الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا موسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}
صدق الله العظيم [الأعراف:138]
وهم أنفسهم الذين قالوا:

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا موسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا ربّك يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأرض مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ}

صدق الله العظيم [البقرة:61]
فهل تراهم قوماً مهتدين يا عمروا؟ اتقِ الله وحده لا شريك له، وتالله لا يجوز أن تدعو مع الله أحداً فتقول: يافلان ادعو لنا. تصديقاً لقول الله تعالى:
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأرض 

أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قليلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}
صدق الله العظيم [النمل:62]
{فلا تَدْعوا معَ اللهِ أحدًا}
صدق الله العظيم [الجن:18]
وقال الله تعالى:

{وَقَالَ ربّكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ

 جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}
صدق الله العظيم [غافر:60]
ألا والله إنَّ الذين يدعون مع الله عبادَه أن يدعوا لهم ربّهم إنَّ دعاءهم في ضلالٍ مبينٍ سواء في الدنيا أو يوم يقوم النّاس لربّ العالمين.

 تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا}
صدق الله العظيم [الإسراء:72]
فما خطبك يا عمروا تفتي بالدعاء بأنّه يجوز أن تقول: يافلان ادعو لي الله. ويا سبحان الله ومن الذي منعه أن يدعو ربّه فلم يشترط الله في الدعاء إلا أن يدعونه مخلصين له الدين من غير شرك مع الله أحد في الدعاء، فوعدهم بالإجابة.

 تصديقاً لقول الله تعالى:{وَقَالَ ربّكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
صدق الله العظيم [غافر:60]


نهايةُ فرعون الـــغرقُ..
البرهان على دعوة نبيّ الله موسى لفرعون وبني إسرائيل أنه كان يدعوهم إلى الإسلام، والذين اتبعوا نبيّ الله موسى من بَنِيْ إسرائيل الأولين كانوا يُسمّون بالمسلمين، وذلك لأن نبيّ الله موسى كان يدعو إلى الإسلام، ولذلك قال فرعون حين أدركه الغرق قال الله تعالى:
{حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إسرائيل وَأَنَا مِنَ الْمسلمينَ}
صدق الله العظيم [يونس:90]
وما أشبه الليلة بالبارحة فكيف أن الإمام المهديّ يدعو النّاس إلى الحقّ من ربّهم ويحذرهم من عذاب الله ويثبت حقيقته بآياتٍ محكماتٍ واضحاتٍ بيّناتٍ للعالم والجاهل ومن ثمّ وجد كافة الباحثين عن الحقّ إنّه حقاً يقترب كوكب النَّار من الأرض وسوف يظل عليها لا شك ولا ريب تصديقاً للبيان الحقّ للذكر للمهدي المنتظر، ومن ثمّ يستمرون في الإعراض عن الحقّ حتى تظلّ عليهم نارُ الله الكُبرى، فإذا وقع عليهم بأس الله قالوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون، أفلا تعقلون؟ فمن ذا الذي ينجيكم من عذاب الله إن كنتم صادقين؟ فإنكم لا تكذبون محمداً - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ولا ناصر محمد بل تكذبون بآيات الله فتجحدون بها. تصديقاً لقول الله تعالى:

{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيات اللَّهِ يَجْحَدُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:33]
برغم أنكم قد رأيتموها حقيقة على الواقع الحقيقي من قبل أن تأتيكم كما رأى فرعون ومن معه أن البحر انفلق إلى نصفين وكان كلّ فرق كالطود العظيم أي كالجبل العظيم بالإرتفاع الشاهق، ولم يتوقف فرعون ومن معه عن الصدِّ عن الحقّ والاعتراف به، ولم يزالوا خارج البحر بل واصلوا الزحف وراء موسى ومن معه ليصدوا عن الحقّ، أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلاً!! لأن الأنعام لن تقذف بأنفسها في نار جهنم، إذاً الذين يكذبون بالبيان الحقّ للذكر بعد أن وجدوا علماء الغرب وكافة المواقع العالميّة والجرائد الرسمية تضج ويفتون بقدوم كوكب يحمل ناراً قادماً نحو الأرض، وتوقعوا أن تظلّ على الأرض يوم الجمعة/ 21/ ديسمبر-2012 م فقال الذين لا يعلمون إنما ذلك قد كذّبه وكالة ناسا الأميركية ومن ثمّ أرد عليهم بالحقّ وأقول:
والله لو استطاعت وكالة ناسا الأميركية أن يخفوا هذا الكوكب عن البشر لفعلوا حتى يهلكوا البشر وهم كافرون ويظنون أنفسهم سوف ينجون بمكرهم من الهرب منه، ولكنهم علموا أنها سوف تعلم به وكالاتٌ أخرى فيزعمون أنهم اكتشفوه من قبلهم ولذلك اعترفوا بالكوكب المُدمر مؤخراً، ولا يزال بعض الذين يصدون عن الحقّ يحاولون إخفاء الحقيقة عن النّاس ويساعدهم الذين يتبعون قولهم بلا تفكر من علماء الفلك من الذين لا يفرقون بين العير والحمير، وليس الإمام المهديّ المنتظَر بأسف وكالة ناسا الأميركية ولا الصينية ولا الروسية ولا البريطانية ولا غيرهم من وكالات الفضاء العالميّة بل آتيكم بسلطان العلم من كتاب الله بآياتٍ محكماتٍ بيّناتٍ لعالمكم وجاهلكم لأخوّف بالقرآن من يخاف وعيد، فإن كذبتم فسوف يكون لزاماً في أجله المُسمى.وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..

 
 السامري والعجـــــل..
وأما سؤالك عن العجل الذي فَتَنَ به السامري بَنِيْ إسرائيل فهو مصنوع من الحُلي الزجاجيّة اللماعة صنعه السامري بعد تجارب كثيرة من حُليّهم فصنعه من معدن الألماس الجميل، ولأول مرّة يشاهد بَنِيْ إسرائيل ذلك المعدن الزجاجي الغريب الجميل؛ بل في غاية الجمال، فلما رأى دهشتهم فقال لهم السامري هذا إلهكم وإله موسى! فظلوا عليه عاكفين حتى عاد موسى وقام بحرقه بالنار حتى صار ساخناً ومن ثمّ ألقاه بالماء، ومعروف علميّاً أنك إذا عرضت الزجاج للحرارة ومن ثمّ تجعله في الماء فوراً يُنسف نسفاً بسبب الحرارة ثمّ البرودة فجأة فينسف نسفاً. وكذلك عجل السامري بعد أن سخنه موسى ثمّ ألقاه في اليمّ بالماء فنسفه اليمّ نسفاً.ولكن السامري أصابه مرض جلدي بسبب اختراعه الذي توصل إليه بعد تجارب كثيرة ثمّ توصل إلى استخراج معدن من حليهم الغير معروفة لدي بَنِيْ إسرائيل

 ولذلك قال له موسى:
{قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِ‌يُّ ﴿٩٥﴾ قَالَ بَصُرْ‌تُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُ‌وا}
[طه:95-96]
فيتبين أنّه مرَّ بتجارب شتى حتى توصل إلى الاختراع المدهش في نظر بَنِيْ إسرائيل، ولكن أصابه الله بمرض جلدي، وذلك المرض لا يُشفى منه طيلة حياته حتى الموت.
ويحذر النّاس أن يلمسوه فإنه لا يحتمل أن يلمسه أحد فجلده أليم طيلة حياته حتى يأتيه موعد الموت الذي ليس بوسعه أن يخلفه فيؤخره ساعة واحدة ثمّ يُلقى في جهنم وساءت مصيراً، وذلك جزاء السامري عذاب في الدُنيا وفي الآخرة .
 ولذلك قال له موسى:
{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرْ‌ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّ‌قَنَّهُ ثمّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليمّ نَسْفًا ﴿٩٧﴾}
صدق الله العظيم [طه]
أما قوله
{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} وهي العلة التي أصاب الله بها السامري وهو مرض جلدي مؤلم لن يحتمل أن يلمسه أحد طيلة حياته حتى يتوفاه موعد الموت الذي لا يستطيع أن يخلفه ثمّ يُلقى في جهنم وساءت مصيراً. وذلك جزاء السامري بسبب فتنة بَنِيْ إسرائيل عن الحقّ.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..


موسى وطلب رؤيــــة الله جهرة..
ويا علمَ الجهادِ، إذا لم تتحمل الأوتاد رؤية ربّ العباد جهرةً فهل الأوتاد أعظم أم العباد؟ وقال موسى عليه الصلاة والسلام كما جاء الخبر في محكم القرآن العظيم

 في قول الله تعالى:
{وَلَمَّا جَاءَ موسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ ربّه قَالَ ربّ أَرِ‌نِي أَنظُرْ‌ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَ‌انِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ‌ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ‌ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَ‌انِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ ربُّه لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ‌ موسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٤٣﴾}

صدق الله العظيم [الأعراف]
ويا علم الجهاد، إنما يريد الله أن يبيّن لموسى والأمّة لماذا لن يرى ذات الله؟ وأراد الله أن يبيّن له بالبرهان بالبيان الحقّ بالتطبيق للتصديق على الواقع الحقيقي ليعلم لماذا أجاب الله عليه بقوله تعالى
: {لَن تَرَ‌انِي}،
ذلك لأنه لا يتحمل عظمة رؤية ذات الله أحدٌ من خلقه حتى الجبل العظيم أكبر وأعظم وأقوى من خلق الإنسان إلا إذا تحمل الجبل رؤية عظمة ذات الله فإنه سوف يرى موسى ربّه، وجعل الله رؤية موسى لربّه متوقفة على تحمل رؤية الجبل لعظمة ذات الله، ولذلك قال الله تعالى:
{لَن تَرَ‌انِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ‌ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ‌ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَ‌انِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ ربّه لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ‌ موسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}
صدق الله العظيم [الأعراف:143]
فانظر ياعلم الجهاد ما حدث لموسى وهو لم يرى ربّه ولكنه صعق مما حدث للجبل، ومن ثمّ أدرك سبب نفي الرؤية لله جهرةً بأنها العظمة لذات الله لا يتحمل رؤية ذات الله جهرة حتى الجبل العظيم.
وعلم موسى سبب نفي الرؤية لله جهرة بأنه لا ينبغي لأحدٍ من عباد الله أجمعين، ولذلك قال موسى بعد أن أفاق ورأى الجبل صار دكاً فأدرك مدى عظمة ذات الله وأنه لا ينبغي حتى التفكر في كيفية ذات الله وأدرك موسى خطأه 
ولذلك قال:{سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}
وياعلم الجهاد، ليس حجب الرؤية قصراً على الإنسان فحسب بل على جميع عباد الله في السموات والأرض وقال الله تعالى:

{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض أَنَّىٰ يَكُونُ له وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن له صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كلّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿١٠١﴾ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ ربّكم لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كلّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿١٠٢﴾ لَّا تُدْرِ‌كُهُ الْأَبْصَارُ‌ وَهُوَ يُدْرِ‌كُ الْأَبْصَارَ‌ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ‌ ﴿١٠٣﴾}

صدق الله العظيم [الأنعام]

 
 موسى والعبد الصالــح..
وقد ضرب الله لك مثلاً يا عدو الله في كليمه موسى فأحسن تأديبه حين ظنّ أنه أعلم عبدٍ نظراً لأن الله كلمه تكليماً بينما الآخرون يرسل إليهم جبريل عليه الصلاة والسلام، ومن ثمّ ابتعثه الله لكي يتعلم المزيد من العلم:
{فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً}
صدق الله العظيم [الكهف:65]
ومعنى قول الله تعالى:
 
 {عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً}،
 أي عبد من عباد الله الصالحين ليتعلم منه العلم كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام ليعلم لكي لا يتم حصر العلم على الأنبياء والمرسلين من دون عباد الله الصالحين، ويريد الله أن يُعلِّمَ موسى وكافة المسلمين أنه يوجد في الصالحين من هو أعلم من كليم الله موسى وهو عبد من عباد الله الصالحين وقال تعالى:
{قَالَ له موسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً}
صدق الله العظيم [الكهف:66]
وبما أن الرجل الصالح أعلمُ من موسى قال له:

{قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرً‌ا ﴿٦٧﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ‌ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرً‌ا ﴿٦٨﴾ قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرً‌ا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرً‌ا﴿٦٩﴾}
[الكهف]
فانظروا لقول كليم الله موسى ونبيه ورسوله بما أنه يعلمُ أن فوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ هو أعلمُ منه، والذين أوتوا العلم درجات فلا يستوون في علمهم بل درجات، والأكثر علماً وجب على الأقل منه علماً أن ينقاد لأمره ويأتمّ به كمثل المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام والمهديّ المنتظَر، فبما أن المهديّ المنتظَر هو أعلمُ من رسول الله المسيح عيسى ابن مريم ولذلك جعل الله عبده المهديّ المنتظَر إماماً للمسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكذلك موسى عليه الصلاة والسلام بما أنه يعلم أن الإمامة والقيادة حسب درجات العلم وواجب على العالم أن ينقاد لمن هو أعلمُ منه فلا يعصي له أمراً. ولذلك قال رسول الله وكليمه موسى صلّى الله عليه وآله وسلّم:

{قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}
وهو كليم الله موسى ينقاد للرجل الصالح فلا يعصي له أمراً يا علم الجهاد الذي يريد أن يصدَّ العباد عن التنافس على ربّهم فيعبدونه كما ينبغي أن يُعبد، ألا والله لو وجدنا أن كليم الله موسى صبر ولو على واحدةٍ لأصبح كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام هو أعلمُ من الرجل الصالح، ولكن الرجل الصالح كان يُذكره بالحكم في نتيجة الرحلة من قبل أن يتبعه وقال له:
 
 {قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}،
 ولكن موسى أكد له وقال: 
 {قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}،
ولذلك كان العبد الصالح يذكر موسى أثناء الرحلة بهذه النتيجة التي أعلنها لموسى مقدماً، فانطلقا بعد الاتفاق أن لا يسأله عن أي فعلٍ يراه يفعله حتى يحدث له من ذلك ذكراً فيخبره عن السبب. وكان هذا شرط بينهما، وأول حدث لم يصبر عليه كليم الله موسى حين خرق الرجل الصالح سفينة المساكين الذين أركبوهم لوجه الله فخرقها الرجل الصالح بعد الوصول إلى الشاطئ وهم لا يعلمون؛ المساكين، ولو علموا لثأروا لسفينتهم من الرجل الصالح ولما صبروا كما
 لم يصبر موسى عليه الصلاة والسلام:
{قَالَ أَخَرَ‌قْتَهَا لِتُغْرِ‌قَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرً‌ا ﴿٧١﴾ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرً‌ا ﴿٧٢﴾ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْ‌هِقْنِي مِنْ أَمْرِ‌ي عُسْرً‌ا ﴿٧٣﴾ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ‌ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرً‌ا ﴿٧٤﴾قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرً‌ا ﴿٧٥﴾ قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرً‌ا ﴿٧٦﴾ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْ‌يَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارً‌ا يريد أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرً‌ا ﴿٧٧﴾ قَالَ هَـٰذَا فِرَ‌اقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرً‌ا ﴿٧٨﴾ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ‌ فَأَرَ‌دتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَ‌اءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كلّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴿٧٩﴾ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْ‌هِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرً‌ا ﴿٨٠﴾ فَأَرَ‌دْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَ‌بُّهُمَا خَيْرً‌ا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَ‌بَ رُ‌حْمًا ﴿٨١﴾ وَأَمَّا الْجِدَارُ‌ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَ‌ادَ ربّك أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِ‌جَا كَنزَهُمَا رَ‌حْمَةً مِّن ربّك وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِ‌ي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرً‌ا ﴿٨٢﴾}
صدق الله العظيم [الكهف]
فانظروا لقول الرجل الصالح كيف يذكر موسى ويقول: "يا موسى لستَ أنت أعلم مني، ألم أقل أنك لن تستطيع معي صبراً؟ فأبيت وقلت بل سوف تجدني إن شاء الله صابراً فلا أعصي لك أمراً".وها نحن لم نجد موسى يصبر ولو على واحدةٍ، ولذلك كان الرجل الصالح يذكر موسى بنتيجة الرحلة التي أعلنها من قبل أن يرحلوا سوياً.
 ولذلك كان يقول له: 
 {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}، 
ومن ثمّ رد عليه موسى وقال: 
 {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرً}،
 ومن ثمّ
 {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا}، 
ولكن موسى قد حكم على نفسه وقال:
  {إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا}.
فقد رأيتم أن موسى قد حكم على نفسه لأن سأله بعدها فلا يصاحبه فقد بلغت من لدني عذراً إن فارقتني ، 
 {فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْ‌يَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارً‌ا يريد أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرً‌ا ﴿٧٧﴾ قَالَ هَـٰذَا فِرَ‌اقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرً‌ا﴿٧٨﴾} 
 صدق الله العظيم
فلم نجد موسى صبر حتى ولو على واحدةٍ فقط، وتبين لنا أن حُكم الرجل الصالح على موسى من قبل أن يبدَؤوا الرحلة هو الحقّ، حين قال له الرجل الصالح من قبل أن يرحلا سويا:

{قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرً‌ا ﴿٦٧﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ‌ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرً‌ا ﴿٦٨﴾ قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرً‌ا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرً‌ا ﴿٦٩﴾}

صدق الله العظيم [الكهف]
وبرغم أن موسى عليه الصلاة والسلام قال إن شاء الله ولكن الله لم يشأ:
 
 {قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} 
 صدق الله العظيم.
 ولكن الله لم يشأ أن يحصر العلم على الأنبياء من دون الصالحين يا علمَ الجهاد الذي يريد أن يصدَّ العباد عن الدعوة الحقّ. وأما فتواك في شأن المسخ إنّه قد مضى وانقضى فإنك لمن الكاذبين، ولم ينقضِ إلا المسخ إلى قردةٍ وبقي المسخ إلى خنازير،
 وأما حُجتك بقوله تعالى:{وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَ‌دَةَ وَالْخَنَازِيرَ‌}
[المائدة:60]
وقلتَ أن جعل فعل ماضي، ومن ثمّ أرد عليك بالحقّ:
أي: أنه جعل ذلك في الكتاب فيصدق الحدث بالفعل في قدره المقدور في الكتاب المسطور، ويُصدق الحدث في قدره المقدور في الكتاب المسطور، وإن أبيت إلا أن تقول أن المسخ إلى خنازير قد مضى وانقضى بحجّة قول الله وجعل ومن ثمّ أرد عليك بالحقّ وأقول لك فما رأيك بقول الله
{فَاطَّلَعَ} أليس هذا فعل ماضي؟
 وقال الله تعالى:{فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ}
صدق الله العظيم [الصافات:55]

قصة النَّبيّ الذى من بعد موسى؛ قصة هارون
 عليه الصلاة والسلام..
بسم الله الرحمن الرحيم
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
السلام علينا وعلى جميع عباد الله الصالحين في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، ثمّ أما بعد..
يا معشر علماء المسلمين، إن من آتاه الله علم الكتاب لم يجد في القرآن العظيم نبياً يُدعى يوشع بن نون ولم يُنزل الله به من سلطان في القرآن العظيم، فهلمُّوا يا معشر علماء الأمَّة لأعلّمكم من هو النَّبيّ الذي كان في بَنِيْ إسرائيل من بعد موسى عليه الصلاة والسلام في قول الله تعالى:

{أَلَمْ تَرَ‌ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِيْ إسرائيل مِن بَعْدِ موسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَقَدْ أُخْرِ‌جْنَا مِن دِيَارِ‌نَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قليلاً مِّنْهُمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٢٤٦﴾}

صدق الله العظيم [البقرة]
وأحيط ابن عمر المكرم والصديق وولياً حميماً بأن ذلك النَّبيّ الذي كان في بَنِيْ إسرائيل من بعد موسى إنّه نبيّ الله هارون أخو موسى عليه الصلاة والسلام، وقد تعمَّر هارون من بعد موسى أربعين عاماً، ومن ثمّ اكتمل زمن تحريم الله على بَنِيْ إسرائيل دخول القرية التي كتب الله لهم وجاء قدر دخولهم من بعد انقضاء الأربعين عاماً، وقد كُتب عليهم القتال في زمن موسى. وقال الله تعالى:

{وَإِذْ قَالَ موسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُ‌وا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم ملُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ﴿٢٠﴾ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرض الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَلَا تَرْ‌تَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِ‌كُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِ‌ينَ ﴿٢١﴾ قَالُوا يَا موسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِ‌ينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُ‌جُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُ‌جُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ﴿٢٢﴾ قَالَ رَ‌جُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّـهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مؤْمِنِينَ ﴿٢٣﴾قَالُوا يَا موسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَ‌بُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴿٢٤﴾ قَالَ ربّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُ‌قْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴿٢٥﴾ قَالَ فَإِنَّهَا محَرَّ‌مَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْ‌بَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الأرض فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾}

صدق الله العظيم [المائدة]
فهل تساءلتم يا معشر علماء الأمَّة لماذا هذا النَّبيّ لم يقُد هو بَنِيْ إسرائيل؟ وكذلك لماذا بَنِيْ إسرائيل لم يطلبوا من هذا النَّبيّ أن يقودهم برغم اعترافهم بأنه نبيّ لهم فلماذا لم يطلبوا من نبيهم أن يقودهم بل قالوا:
{ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ}؟ فلماذا لم يقولوا لنبيهم أن يقودهم ليقاتلوا في سبيل الله؟
إذاً هذا النَّبيّ قد صار شيخاً كبيراً ووصل إلى أرذل العمر من بعد قوةٍ ضعفاً وشيبةً، فهو لا يستطيع أن يقودهم نظراً لأنه أصبح شيباً عاجزاً، وكذلك بَنِيْ إسرائيل يعلمون بأنه لم يعد يستطيع لأنهم يرونه شيباً عاجزاً، ولذلك لم يطلبوا منهُ أن يقودهم بل قالوا اختر لنا منّا من بَنِيْ إسرائيل من يقودنا لنقاتل في سبيل الله .
فهل تعلمون يا معشر علماء الأمَّة من ذلك النَّبيّ عليه الصلاة و السلام؟؟ إنه نبيّ الله هارون أخو موسى عليهما الصلاة و السلام .
وانقضت سنين التّحريم على بَنِيْ إسرائيل دخولهم المسجد الأقصى في الكتاب، وجاء الزمن المُقدر لدخول بَنِيْ إسرائيل الأرض المقدسة التي بها بيت المقدس و لم يعد رسول الله موسى موجوداً فقد توفاه الله خلال الأربعين سنة، و لكن أخاه هارون لا يزال موجود و لكنه قد أصبح شيخاً كبيراً لا يستطيع حمل السلاح ولا القتال نظراً لأنه قد أصابه من بعد قوةٍ ضَعفاً وشيبةً وقد وهن العظم منهُ ولكنهُ قال:

{إِنَّ اللَّـهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا}،

ولكن طالوت لم يكن من بَنِيْ إسرائيل ولذلك قالوا: أيكون له الملك علينا ونحن أحقّ بالملك منه؟ فتعالوا لأعلمكم من هو طالوت الرجل الصالح والذي زاده الله بسطةً في العلم، ولسوف نعود إلى قصة موسى وعبدٍ من عباد الله الصالحين ولم يكُن نبياً ولا رسولاً وكان يعلم بأن هناك رجل وامرأة صالحين وقد تبنوا لهما غلاماً لم يكُن من ذُريتهما وإنما لأنهم لم يأتِ لهم أطفال، ولكن هذا الغلام كان من ذريَّة شيطانٍ من البشر ولا خير فيه وإنما تبناه هذان الأبوان الصالحان لوجه الله واتخذوه ولداً لهم ولا يعلمون من هم أبويه الحقيقيين، وأراد الله أن يُبدلهم خيراً منه زكاةً وأقرب رحماً، ومعنى قوله أقرب رحماً أي من ذُريتهم، والآية واضحةٌ وجليّةٌ بأن هذا الغلام ليس ابنهم من ظهورهم و إنما تبنوه لوجه الله وقال تعالى:
{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْ‌هِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرً‌ا ﴿٨٠﴾ فَأَرَ‌دْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَ‌بُّهُمَا خَيْرً‌ا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَ‌بَ رُ‌حْمًا﴿٨١﴾}
صدق الله العظيم [الكهف]
ولذلك قتل الرجل الصالح ذلك الغلام وأبدلهم الله خيراً منه زكاةً وأقرب رُحماً، ذلك العوض الذي جاءهم من الله خيراً منه زكاةً وأقرب رُحماً الذي أعطاه الله للأبوين الصالحين إنّه طالوت عليه السلام، الرجُل الصالح الذي أتاه الله المُلك وزاده بسطةً في العلم وبلغ أربعين سنة يوم استلام القيادة من بعد نبيّ الله هارون الذي بلغ من الكبر عتياً، ومن ثمّ قُتل طالوت في المعركة واستلم القيادة من بعده نبيّ الله داوود عليه السلام.ثم انظروا يا علماء الأمَّة ماذا قال لهم نبيهم هارون حين طلبوا منه القيادة فذكرهم بأنه قد كتب عليهم القتال من قبل في عهد أخيه موسى فلم يقاتلوا. 
وقال الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ‌ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِيْ إسرائيل مِن بَعْدِ موسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَقَدْ أُخْرِ‌جْنَا مِن دِيَارِ‌نَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قليلاً مِّنْهُمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٢٤٦﴾}

صدق الله العظيم [البقرة]
إذاً يا معشر علماء الأمَّة لم نجد نبياً غير هارون عليه السلام، وأعلم بأن هارون أكبر من موسى ولكن موسى توفي قبل هارون ولذلك قال تعالى:
{مِن بَعْدِ موسَىٰ} وهل يخلف موسى غير هارون ولكنه قد أصبح كبيراً في السن بعد أن انتهت الأربعون سنة التي حرم الله عليهم الدخول إلى الأرض المقدسة، و قبل أن تنقضي يتيهون في الأرض كالبدو الرُحل يتتبعون الماء والمرعى ولا يدخلون الأرض المباركة التي كتب الله لهم لو أعدّوا جيوش الأرض كلّها ما كان لهم أن ينتصروا حتى تنقضي الأربعون سنة حتى إذا جاء القدر لدخولهم المسجد الأقصى قاد الجيش طالوت عليه السلام وقُتل واستلم القيادة منهُ نبيّ الله داوود، وقتل داوود جالوت، وأتاه الله المُلك من بعد طالوت.
و أما الرجل الذي تسمونه الخضر فإنهُ عبد من عباد الله الصالحين كما أخبركم 

الله بذلك في القرآن في قوله تعالى:
{فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَ‌حْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴿٦٥﴾ قَالَ له موسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُ‌شْدًا ﴿٦٦﴾قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرً‌ا}
صدق الله العظيم [الكهف]
والحكمة من ذلك حتى يعلم موسى وجميع المسلمين بأنهم لا ينبغي لهم أن يُقسِّموا رحمة ربّهم فيحصرون العلم على الأنبياء والمرسلين. ويريد الله أن يعلم موسى وجميع المسلمين بأنه يوجد هناك من عباد الله الصالحين من هو أعلم من الذي كلّمهُ الله تكليماً وكان يظنّ موسى بأنه أعلم النّاس نظراً لأن الله كرمه وكلمهُ تكليماً وأراد موسى أن يتلقى المزيد من العلم من هذا الرجل الصالح. وقال الله تعالى:

{فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَ‌حْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴿٦٥﴾ قَالَ له موسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُ‌شْدًا ﴿٦٦﴾ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرً‌ا ﴿٦٧﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ‌ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرً‌ا ﴿٦٨﴾ قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرً‌ا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرً‌ا﴿٦٩﴾}

صدق الله العظيم [الكهف]
وقال الرجل الصالح لكليم الله موسى إنك لن تستطيع معي صبراً فقد حكم على موسى قبل بدء الرحلة أنه لن يستطيع معه صبراً و لكن موسى قال:
{سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرً‌ا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرً‌ا ﴿٦٩﴾}
فهل وجدتم موسى صبر حتى في واحدةٍ؟ بل تحقق ما حكم به الرجل الصالح
:
 {قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرً‌ا ﴿٦٧﴾}، ولذلك لم نجد موسى صبر حتى على واحدةٍ من الأمور التي شاهدها، فذلك الجواب الحقّ على سؤالك يا ابن عمر المكرم.

 الرجلان من أتباع موسى مِنَ الذي أنعم الله عليهما..
و لسوف أزيدك علماً عن الرَجلين من أتباع موسى من الذي أنعم الله عليهما والذي جاء ذكرهم في قوله تعالى:

{قَالَ رَ‌جُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّـهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مؤْمِنِينَ ﴿٢٣﴾}

صدق الله العظيم [المائدة]
وذلكما الرجلان هما نبيّ الله هارون ومؤمن آل فرعون الذي قال الله عنهُ:

{وَقَالَ رجل مؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ ربّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن ربّكم وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مسْرِفٌ كَذَّابٌ}

صدق الله العظيم [غافر:28]
وقد علمنا بأن الله وقاه سيئات ما مكر به آل فرعون وأبقاه مع موسى وحاق بآل فرعون سوء العذاب.وقُضي الأمر الذي فيه تستفتي يا من صدقني وكان عند الله 

صديقاً وجزاك الله عني بخير الجزاء بخير ما أجزى به عباده المكرمين،
 والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أخوكم الإمام المهدى المنتظر ناصر محمد اليماني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.